ها نحن نستقبل يوماً أغرَّ من أيام هذه العشر المباركات وهو يوم عرفة الشريف. وهو اليوم الذي يكون عتقاء الله فيه من النار كثرة كاثرة. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟” رواه مسلم. وفضل يوم عرفة الذي يستقبله المسلمون، ليس خاصًّا بأهل الموقف في عرفة، بل إن فضله يشمل عباد الله في أرجاء الدنيا، والله ذو الفضل العظيم. وقد ثبت عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده” رواه مسلم. ومن أسباب المغفرة في يوم عرفة: الإكثار من ذكر الله، وبخاصة شهادة التوحيد؛ فإنها من أعظم ما يُتقرب إلى الله في ذلك اليوم به؛ جاء في المسند عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر دعائه يوم عرفة: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير”.
ثم نستقبل بعدها يوم النحر الذي هو أفضل أيام الدنيا، لأنه – أي يوم النحر – يوم الحج الأكبر في مذهب مالك والشافعي وأحمد، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يوم النحر هو يوم الحج الأكبر”. ثم نستقبل بعدها أيام التشريق، وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وقد ورد في فضلها آيات وأحاديث منها: قول الله عز وجل: ” وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ” البقرة: 203، الأيام المعدودات: هي أيام التشريق، قاله ابن عمر رضي الله عنه واختاره أكثر العلماء.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم عن أيام التشريق: ” إنها أيام أكلٍ وشرب وذكرٍ لله عز وجل “. وذِكر الله عز وجل المأمور به في أيام التشريق أنواع متعددة: منها: ذكر الله عزَّ وجل عقب الصلوات المكتوبات بالتكبير في أدبارها، وهو مشروعٌ إلى آخر أيام التشريق عند جمهور العلماء. ومنها: ذِكره بالتكبير عند رمي الجمار أيام التشريق، وهذا يختصُّ به الحجاج. ومنها: ذكر الله تعالى المطلق، فإنه يُستحب الإكثار منه في أيام التشريق.