الجزائر- انتقلت الجزائر إلى السرعة القصوى في تعاملها مع ملف الأزمة الليبية للوصول بمشروع وساطتها إلى الهدف المرجو وتحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة على الحكم وكذا إطفاء جذوة الجماعات الإرهابية التي لا تزال تتقد.
ويشكل انخراط الرئاسة ممثلة في شخص مدير الديوان بها، ضمانا قويا للفرقاء الليبيين، كي يثقوا بالوساطة الجزائرية، كما يمكن أن يكون رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قد اقتنع بمحدودية الجهود التي بذلت من قبل وزارة الخارجية لسنوات، وفضل تسليم المهمة لإحدى الشخصيات التي سبق لها أن نجحت في مهمة مشابهة في بداية التسعينات، وهو أحمد أويحيى، عندما أقنع فرقاء دولة مالي بإنهاء أزمة الأزواد الأولى.
ويعتبر تنقل مدير الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، إلى تونس للقاء شخصيات ليبية مؤثرة ببيت رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، في سياق حرص الجزائر على البحث عن حل للأزمة التي تعصف بالجارة الشرقية، مفاجأة للمتابعين، لأن هذا الملف كان مهمة متروكة لوزارة الخارجية، ويؤكد من جهة أخرى حرص الجزائر على تفادي أي سيناريو مجهول قد يعصف بمسار التسوية ويهدد أمن المنطقة ككل.
وقد قام مساهل على مدار السنوات القليلة الأخيرة، بعديد المساعي للم شمل الإخوة الفرقاء في ليبيا، كما استقبل الوزير الأول، عبد المالك سلال، أسماء ليبية بارزة من شاكلة رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، الذي يتخذ من العاصمة طرابلس، مقرا لنشاطه، وكلا من رئيس البرلمان عقيلة صالح، وقائد الجيش الليبي، خليفة حفتر اللذين يتخذان من بنغازي (أقصى الشرق) مقرا لهما.. غير أن هذه اللقاءات لم تحقق الأهداف المرجوة، لأن حفتر وبمجرد عودته من الجزائر رفض الجلوس إلى طاولة الحوار مع السراج، ودعا إلى حسم الأزمة عسكريا.
وتعد الخطوات التي أقدم عليها حفتر بعد ذلك، كزياراته المتكررة لموسكو واستقباله وزير الدفاع الروسي، وسعيه إلى إعادة بعث اتفاقية لتوريد الأسلحة، وقعها القذافي مع روسيا عندما كان في السلطة، فضلا على قرب هذا القائد العسكري من محور القاهرة ـ أبو ظبي، وكذا سعيه إلى السيطرة على منابع النفط الليبي، مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من أخطار على عسكرة المنطقة، أهم الأسباب لدفع الجزائر بكامل ثقلها في الملف الليبي.
وفي السياق ذاته، شرعت الرئاسة في ترتيبات لعقد قمة ثلاثية تجمع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنظيريه الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتونسي الباجي قايد السبسي، في منتصف شهر فيفري المقبل، لبحث مستجدات الأزمة الليبية، والتحضير لتنظيم مؤتمر الحوار الشامل والمصالحة الوطنية الذي يجمع مكونات المجتمع الليبي.
وتحدثت مصادر دبلوماسية لموقع “إرم نيوز”، السبت، عن أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يحاول توحيد الفاعلين في الملف الليبي، لضمان حل سلمي للأزمة، تشارك فيه كل ألوان الطيف السياسي الليبي، بمن فيهم أنصار الرئيس الراحل معمر القذافي وعدد من رموز الإسلام السياسي الذين لا يحظون بدعم أطراف دولية وإقليمية. وبحسب المصادر “تحظى المساعي الجزائرية بدعم تونسي قوي، إذ يُجري الرئيس الباجي قايد السبسي تحضيرات لاستقبال نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في غضون أيام لعقد اجتماع تنسيقي يسبق قمة الجزائر المرتقبة، في شهر فيفري المقبل”.