من نعم الله تعالى على عباده تقلُّبُ الليل والنهار، وتغيرُ الفصول صيفًا وخريفًا، وشتاء وربيعًا لينعم العباد بخيرات الفصول المختلفة، وهذا التقلب من آيات الله تعالى العظيمة، الدالة على كمال حكمته وتدبيره لكونه ومخلوقاته، كما قال سبحانه” إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ” يونس: 6. وكعادة الصيف الحار أنه يطل بخير الثمار، ويهيئ النفوس لطيب الأسفار، ويشعرها بفراغ الأوقات، ولكل إنسان منهج في التعامل معه؛ فمن الناس من يجعله موسمًا لتدارك ما فاته من عمل في تزاحم الأوقات، وهذا هو الحريص على عمره الذي هو رأسماله، فلا يضيِّعه فيما لا يعود عليه نفعه، ومنهم من يضيفه إلى ما ضيَّع من ساعات عمره، في غيه ولهوه، وهذا هو الذي سيندم على ذلك كثيرًا. غير أن صغارنا، الذين لا يميزون ما ينفعهم مما يضرهم، هم أمانة في أعناقنا، فمن استشعر هذه المسؤولية جعل صيف صغاره وأبنائه موسمًا لنفعهم، وتنمية مهاراتهم، فإنهم قد فرغوا من عناء التحصيل الدراسي، لينتقلوا بعد صيفهم إلى مراحل أخرى من ميادين العمل والبناء.
إن الصيف فرصة من فرص العمر للشباب والنشء لاستغلاله في النشاط المعرفي والاجتماعي، والترويح المباح، وذلك بتوجيههم نحو البرامج النافعة، التي تنمي الفكر كحفظ القرآن الكريم، وتجويده، ومراجعته، والنظر في الأحاديث والسيرة النبوية، والقراءة النافعة، فهي كفيلة بأن تنضج عقولهم، فمن المهم توفير وسائل القراءة المفيدة، مع الترغيب والتشجيع، ومن فرص الصيف العملية تدريب النشء على العمل، حتى إذا ما تخرجوا عرفوا أين يذهبون وما يختارون، فعلينا توجيههم نحو هذه الأنشطة النافعة التي تحفظهم من الضياع، إن الفراغ هو أحد أسباب النجاح أو الفشل، ونحن الآباء معنيون في نجاحهم وحمايتهم من الفشل، فإن النفس إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فينبغي ألا نجعل لأبنائنا فراغا قاتلًا، فإن مرحلة الشباب هي فرصة العمر وهي نواة نجاحهم، فإن ما يجدونه من فراغ الوقت، يعتبر فرصة لا تقدر بثمن لاكتساب المهارات.
من موقع الالوكة الإسلامي