الأولاد هبة عطاء فضل من الله العلي القدير القائل: ” ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ” الحديد: 21، هو سبحانه الذي يخلق، وهو الذي يرزق، وهو الذي يعطي، وهو الذي يمنع: ” أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ” الأعراف: 54، الأولاد أمانة استودعنا الله إياها، وهو سبحانه وتعالى سائلنا عن هذه الأمانة أحفظنا أم ضيعنا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه بسند صحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أو ضيعه”. فالسائل هو الله جل جلاله، والمسئول هو أنت أيها الأب، فإما اهتمام وحفظ للرعية ونجاح في التربية، والمسئولية ناجحة موفقة، فالنتيجة الفوز والفلاح، وثمرات ذلك الجنة، قال ربنا سبحانه: ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ” الطور: 21.
فإذا كان الأولاد أمانة، مسؤولية، فمن الواجب علينا أن نحسن رعايتهم وتربيتهم، وأن نبذل أقصى الجهدِ في إعدادهم لممارسة حياتهم ومستقبلهم وفق المنهج الصحيح الذي يوصلهم إلى بر الأمان. فالتربية معاشر الآباء والأمهات ليست بالأمر اليسير، هي مهمة صعبة، مسئولية عظيمة، لكن أجرها وثوابها أعظمُ عند الله جل جلاله. فمتى أحسنا تربية أولادنا حتى يكونوا صالحين، نِلنا بهم السعادة في الدنيا والآخرة، لأن الولد الصالح هو خير كنز يَنتفع به الأبوان في حياتهما وبعد موتهما. ولنستمع جميعا لنبي الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه وهو يقول في الحديث الصحيح: “إذا مات العبدُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفَعُ به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له”. فأنت في قبرك، في انقطاع عن الدنيا، تصل إليك دعواتُ أولادك الأبرارُ الأخيار، يسألون ويدعون الله لك، أنت في قبرك قد انقضى عملك من الدنيا إلا من الثلاث المعلومات التي جاء ذكرها في الحديث، وأصبحت وحيدا، تتمنى مثقال ذرة من خير، وإذا دعواتٌ صادقة من الأبناء والبنات الذين طالما غرستَ الفضائلَ في نفوسهم، وحببت الإيمان إلى قلوبهم، فدعواتهم تصعد إلى الله لك بالمغفرة والرحمة والرضوان.
من موقع إسلام أون لاين