إن يوم عاشوراء هو يوم إحقاق الحق وإزهاق الباطل، يوم نصر الله فيه المؤمنين، وأذل الكافرين المجرمين، وإن نجاة موسى عليه السلام وهلاك الفرعون، لدليل واضح على قدرة الله المطلقة، وتصرفه الكامل في هذا الكون إحياء وإماتة، وإغناء وإفقارا، وإعلاء ووضعا، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فاستمسكي أمة الإسلام بعزتك وتوكلي على خالقك، ولا تحزني ولا تبتئسي، وقولي كما قال النبي الحبيب “لا تحزن إن الله معنا”، وكما قال الكليم “كلا إن معي ربي سيهدين”، وهي رسالة أمل لكل مظلوم تكالب عليه أهل البغي والطغيان: أن وعد الله لأوليائه بالنصر والتمكين حق لا مرية فيه، ولإخواننا في أرض الرباط فلسطين النصيب الأوفر إن شاء الله تعالى، وسيشْف الله صدور قوم مؤمنين. لقد أوجب الشرع أداء الزكاة في المال الذي بلغ النصاب الشرعي، وحال عليه الحول القمري، فيتوجب على مالك النصاب أن يتحرى مرور عام هجري- وقد قدِّرَ هذا العام بعشرة ومائة مليون؛ ونصف المليون سنتيما جزائريا-، فيقوِّم ما ملكت يداه من المال الذي وجبت فيه الزكاة، فيؤدي حق الله وحق الفقراء طيبة بها نفسه، فرحا بها فؤاده،لأنه ممتثل أمر ربه،منقاد لشرعه، يبتغي بزكاته وجه الله تعالى، قاصدا سد خلة المحتاجين والمعوزين، يصرفها في وجوهها المحددة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وليحرص المزكي أن توضع صدقاته في موضعها، وأن تصل إلى أصحابها، وليتحر ما استطاع إلى ذلك سبيلا أن يغني الفقراء بصدقته، ولتحصيل هذا المقصد النبيل أمر الله تعالى ولي الأمر أو من ينوبه بجمع أموال الصدقات، فقال:”خذ من أموالهم صدقة”، لأن في ذلك تنظيما لأمرها، وترشيدا في توزيعها، وعدالة في قسمتها، وكفاءة في استثمارها، فالعمل المؤسسي المنظم من مقاصد الإسلام السامية، ومراميه العالية، التي جاء الدين لترسيخها في مجتمع المسلمين،فاعملوا رحمكم الله على الرقي بمشروع فريضة الزكاة في بلدكم-صندوق الزكاة-،حتى يكون بإذن الله نظاما قائما على أسس متينة، يؤتي أكله كل حين بإذن ربه،ونكون من الرواد فيه، بإذن الله تعالى، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
الجزء الثاني والأخير من خطبة الجمعة من جامع الجزائر