كما أنَّ شُكرَ النِّعمةِ يُؤدِّي إلى زيادَتِها، فإنَّ عدمَ شُكرِها يُؤدِّي إلى حِرمانِها وزوالِها، لقوله تعالى: “ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً انْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمْ” الأنفال: 53. وإنَّ من شُكرِ اللهِ على نِعمةِ الاستِقلالِ والحُرِّيَّةِ، أن نحافِظَ على وطنِ الشُّهداءِ، وعلى مُقدَّراتِه وخيراتِه، وأن نحافِظَ على أمنِه ووحدتِه وحدودِه، وعدمِ خيانتِه، وإنَّ من الخيانةِ التَّنَكُّرَ لهويّته الإسلاميَّةِ، ومن الخيانةِ نَهبُ خيراتِه وسَلبُ ثرواته، ومن الخيانةِ التَّقصيرُ في القيامِ بالواجبِ تجاهَه، وعدمُ الاهتمامِ بشؤونِه، ومن الخيانةِ تخريبُ مُمتلكاتِه وتبديد مُقدَّراتِه، واستغلالُ السلطةِ فيه، دون وجهِ حقٍّ، ومن الخيانةِ الدَّوسُ على القوانينِ، والاعتداءُ على الحقوقِ، والإخلال بالقطاع العامّ؛ وغيرها من أنواعِ الخياناتِ، وكلُّها تلتقي عند آفَةِ كُفرانِ نِعمةِ الحُرِّيَّةِ والاستِقلالِ وعدمِ شُكرِها، فاشكُروا اللهَ على نِعَمِه يَزِدْكُم واستَغفِروه يَغفِرْ لكم. إن الله أكرم أمة الجزائر في هذا الأسبوع، بمناسبتين عظيمتين: ذكرى استعادة الاستقلال وعيد الشباب،والفاتح من شهر المحرّم، الذي جعله الفاروق عمر رضي الله عنه بداية للعام الهجري، وجعل الهجرة النبوية بداية للتأريخ الإسلامي، لأنّها فرّقت بين الحقّ والباطل، وبين الذلّة والعزّة، وكذلك يوم الاستقلال الأغرّ، أعزّ الله به أمّة الجزائر بعد ذلّة، وكثّرهم بعد قلّة، وقوّاهم بعد ضعف، وانطلق الشعب الجزائري من معركة التحرير إلى معركة البناء، مقتديا برسول الهدى، صلى الله عليه وسلّم، الّذي لَم يُهاجِرْ مِنْ مكَّةَ المكرمة إلى المدينةِ المنورة زُهداً فيها، فهي أحبُّ بلادِ اللهِ إلى قلبه، فاللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيّنا ورسولنا محمّدٍ، وارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الراشدين وعن سائر الصحابة والآل أجمعين، وعن التابعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
الجزء الثاني والأخير من خطبة الشيخ بن عامر بوعمرة