الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين إلى يوم الدين أيها الأخوة المؤمنون تلكم بعض فضائل يوم عرفة المشهود ويليه عاشر أيام ذي الحجة يوم الحج الأكبر سُمِّي هكذا لأن أغلب أعمال الحج تقع فيه، وأما لغير الحاج فهو يوم النحر سنة أبينا إبراهيم حنيفاً عليه السلام. وتبدأ أعمال يوم النحر بالتكبير والتسبيح من طلوع فجره إلى الضحى ثم صلاة العيد وسماع خطبتيه ثم نحر الأضحية وهي من أعظم شعائر هذا اليوم بنية التقرب إلى الله تعالى وإحياء سنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم. ويسنُّ للمسلم أن يخرج صائماً من منزله حتى ينحر ويأكلَ من كبد أضحيته؛ كما يسنُّ له الإكثار في هذا اليوم من التكبير، والتكبير دبر الصلوات الخمس من ظهر يوم العيد إلى صبح اليوم الرابع من أيام العيد، قال عليه الصلاة والسلام : ” أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ “. ويستحب في هذا اليوم التوسعة على العيال وصلة الأرحام والصدقة من الأضحية قال تعالى “لَنْ يَّنَالَ اَ۬للَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِنْ يَّنَالُهُ اُ۬لتَّقْو۪يٰمِنكُمْۖ ” سورة الحج:35. فطيبوا بها نفسا. ومما ينبغي أن يتعلمه المسلم من يوم النحر؛ معنى التضحية؛ وهو حمل النفس على فعل ما يرضي الله وإيثار رضا الله على رضا النفس، وأن يتعلم وهو ينحر أضحيته أن ينحر معها كبرياءه وغروره وحبه لذاته. وتحيا مكانها معاني الإيثار والتكافل والإحسان والتعاون بين الأهل والجيران ليكتمل معنى العيد بدخول السرور على من ضحى ومن لم يضحي. نتعلم من يوم النحر معنى التضحية والانقياد والاستسلام لأمر الله مهما كان الابتلاء صعبا وهذا ما ابتلي به أبونا إبراهيم الذي نحيي بسنة النحر هذا المعنى لتستوعبه قلوبنا ونتيجة التضحية والاستسلام لأمر الله لا شك عطاء عظيم وفلاح في الدنيا والآخرة. إن التضحية التي نتعلمها في ساحات العبادة نحتاج إليها لننجح في ميادين الحياة؛ قدوتنا ومعلمنا فيها سيدنا إبراهيم قال تعالى “وَجَٰهِدُواْ فِےاِ۬للَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦهُوَ اَ۪جْتَب۪يٰكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِےاِ۬لدِّينِ مِنْ حَرَجٖۖ مِّلَّةَ أَبِيكُمُۥٓإِبْرَٰهِيمَ”.
خطبة يوم عيد الأضحى للشيخ محمد مقاتلي