أنوار من جامع الجزائر.. مسؤولية الكلمة

أنوار من جامع الجزائر.. مسؤولية الكلمة

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، ومن بآثاره اقتفى، وبعهد الله وفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

أمة الكلمة والقلم:إن الله تعالى قد تعبَّدنا بالكلمة تخرج من الأفواه، فأمرنا أمرا مؤكدا باختيار أطايب الكلام، من إسداء نصح، أو تبليغ علم نافع، أو إصلاح بين الناس، فقال عز من قائل: “لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا”النساء 114. وضرب للكلمة الطيبة أروع الأمثلة، فقال عز “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ” إبراهيم: 24-25، وحذَّرَنا في الوقت نفسِه من كل كلمة خبيثة، تنشر رذيلة، أو تهتك عرضا، أو تثير فتنة، فقال تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” النور: ١٩، وضرب للكلمة الخبيثة أسوأ مثال؛فقال “وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ” إبراهيم: 26.

أمة المسؤولية:إننا مأمورون-خصوصا رجالَ الكلمة والإعلام-بحفظ ألسنتنا، ومراقبة أقلامنا عن بثِّ كل ما من شأنه أن يعمل على زرع بذور الفتنة، ونشر القلاقل، وإشاعة الرذيلة وإفشاء المنكر، فخطرُ الكلمة جسيم، ووقعها عظيم، وأضرار تبعاتها لا يعلمها إلا الله العليم، فلنتحرَّ نقل الأخبار، ولنراقبِ الله تعالى في كل ما تتفوه به ألسنتنا؛ وتخطُّه أيماننا، وليكن شعارُنا قولَه تعالى: “مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” ق: ١٨،فإن استشعرنا خطورة الكلمة وتفوَّهْنا بما ينفع؛ فَبِهَا ونعْمَتْ، وإلا فلنلزم الصمت الذي وصانا به خير البرية عليه الصلاة والسلام في قوله ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” صحيح البخاري.

 

خطبة للأستاذ الدكتور عماد بن عامر