أيها الإخوة المؤمنون: هنالك صفحات مشرقة في تاريخ أمتنا مليئة بالانتصارات تدل على حيويتها وخلودها وهنالك صفحات أخرى مظلمة فيها أحداث مؤلمة تدلّ على فترات الضعف والهوان ولا تخلو تلك المناسبات أو هذه عن الذكرى والتأمل والعبر. مرت علينا في بحر هذا الأسبوع ذكرى نكبة المسلمين في فلسطين التي توافق الخامس عشر مايو من عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف، تذكرنا بأبشع تهجير قسري وعرقي في تاريخ البشرية، وما زلنا منذ 74 عاما من اغتصاب أرض فلسطين الشهيدة نتجرَع آلام النكبة وتبعاتها. إن فلسطين.. الأرض المقدسة ، أرض الرسالات والنبوات ، الأرض التي باركها الله تعالى حيث قال “سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ” 1الإِسۡرَاء. وذكرت في القرآن باسم الأرض المباركة، وهي أولُ قِبلةٍ للمسلمين ومسرى نبينا الأمين صلى الله عليه وسلم. استلبت من المسلمين بقرارٍ من وعد بلفور المشؤوم، وبمباركة الدول الكبرى واعترافها، فمكنوا لكيان دخيل في أقدس ثالث بقعة في الأرض مع مكة والمدينة، فكانت مسرحية عنوانها منحُ من لا يملك ما لا يملك لمن لا يستحق. نقف إخوة الإيمان وقفة واعية لرفع الهمم وشحذ العزائم ؛ وقفةَ تذكُرٍ لأوطاننا وتواصٍ بإعادتها واستردادها، يوصي بذلك السابقُ اللاحقَ حتى ينشأ ذلك الجيل الذي يكتب الله النصرَ على يديه … فلا ينبغي أن تموت هذه القضية أو تُنسى، لأنها قضيةُ كلِّ مسلمٍ، وليس كما يريدها المستكبرون في الأرض أن تكون قضيةَ الفلسطينيين وحدهم. عباد الله نتذكر هذه النكبة حتى نتواصى بأن حلّ هذه القضية لا يكون بالتنازل عن الأرض ولا بالتطبيع والاستسلام ؛ لأن ذلك لن يجر علينا إلاّ الذلَّ والهوان ولا تزال ثورة الجزائر مضرب المثل في استرجاع الحقوق وتحرير الأوطان فبعد أكثر من قرن وثلث عادت الجزائر إلى حضن الإسلام والعروبة بفضل الجهاد والمقاومة التي هي خيار المظلومين والمستضعفين ؛ وهي حق مشروع في كلِّ الديانات السماوية والقوانين الأرضية
الجزء الأول من خطبة الشيخ محمد مقاتلي