في يوم الحديبية حين تقاعس الصحابة عن التحلل من العمرة ، بعد أن أمرهم ؛ دخل فزِعاً على زوجه أمِّ سلمة ، فأشارت عليه بقولها:اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ؛ نَحَرَ بُدْنَهُ ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا. ومن معالمها: خدمة أهله:” وإعانتهن في أعمال البيت؛وهو صاحب القدر الجليل صلى الله عليه وسلم فقد سُئِلَتْ عائشةُ رضي الله عنها ما كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ في بَيتِهِ؟، قالَتْ: كانَ يَكونُ في مِهنَةِ أهلِهِ -يَعني: خِدمَة أهلِهِ- فإذا حَضَرَتِ الصلاةُ، خَرَجَ إلى الصلاةِ”رواه البخاري. ومنها : تحمّل أذاهن ، والصبر على جفائهن وغيرتهن ؛ فقد كنّ يراجعنه وقد تهجره إحداهن سائر اليوم ،ومع ذلك يتسع صدره وقد يبتسم لغيرتهن من بعض. أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس رضي الله عنه: “أن رسول الله ، كان عند بعض نسائه، قال: “أظنُّها عائشة” فأرسلت إحدى أمّهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام، قال: فضربت الأخرى بيد الخادم فكسرت القصعة نصفين، قال: فجعل النبي، يقول: “غارت أمكم”، قال: وأخذ الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل فيها الطعام، ثم قال: كلوا فأكلوا”. ومنها:أنه ما عنّف أزواجه لا لفظياً ولا مادياً ؛مع ما كان يغضبه من أفعال نسائه مما قد سبق ومما لم يذكر؛ إلا أنه كان يتجمّل بالصبر والحكمة في معالجة الأمور فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهِدَ في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيءٌ قطُّ فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتهَكَ شيءٌ من محارم الله تعالى، فينتقمَ لله تعالى. رواه مسلم. وقد مرّت ببيت النبوة ظروف صعبة جدّاً فكان صلوات الله وسلامه عليه مثالا رائعاً للزوج الحكيم المتروي في أمر يتعجّل فيه الناس ويضطربون. وأبرز حادثة تجلت فيها رويّته السديدة، وحسن أخذه للأمور، حادثة الإفك ، هذا كله وغيره، مما لا يتسع المقام لحصره وسرده ، وهي معالم هادية، وقيم لابدّ أن تستوعبها بيوت المسلمين ؛ويتربى عليها الأزواج الجدد لتؤسّس بيوتهم على تقوى من الله ورضوان ؛ قال تعالى: “أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم”. نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبهدي نبيه الأمين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب.فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الجزء الثالث والأخير من خطبة الجمعة من جامع الجزائر