أنوار من جامع الجزائر.. فرصة للتغيير – الجزء الثاني والأخير-

أنوار من جامع الجزائر.. فرصة للتغيير – الجزء الثاني والأخير-

في نهاية هذا العام الهجري، قد أعطانا الفرصة للتغيير إلى الأحسن، فنختمه بحسن النوايا ونبادر فيه إلى المكرمات. قال صلى الله عليه وسلم : “بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تُنْظَرُونَ إِلاَّ إِلَى فَقْرٍ مُنْسٍ، أَوْ غِنًى مُطْغٍ، أَوْ مَرَضٍ مُفْسِدٍ، أَوْ هَرَمٍ مُفَنِّدٍ، أَوْ مَوْتٍ مُجْهِزٍ، أَوِ الدَّجَّالِ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةِ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ”. والتغيير ليس له عمر محدّد، فها هو قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته الرسالة وهو ابن 40 عاما، وهاجر وهو ابن 52 عاما، وفتح مكة وهو ابن 61 عاما. فالحاصل هو أن يغتنم المرء عمره وشبابه وقوته وفراغه، كما أرشد الى ذلك سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم في قوله: “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ”. وأن يحاسب المرء نفسه على ما فات من أيام عمره قبل أن يُسأل عن أربع، كما قال عليه الصلاة والسلام “لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَا فَعَلَ بِهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ، فِيمَا أَبْلَاهُ”. إن محاسبة النفس ركن أساسي من أركان التزكية والتربية الإيمانية، هدفها تقويم حياة الإنسان بالتعلم من الأخطاء، وأول باب يحاسب المرء نفسه عليه علاقته مع الله تعالى كيف هي ؟ كيف هي عبادتك؟ كيف هو تعظيمك لله وتوحيده؟ ثم كيف هي علاقتك مع الوالدين والأقارب والجيران والأولاد؟ كيف هو كسبك؟ ومن تصاحب؟ المستقبل أساسه الماضي، ومن لا يستفيد من أخطاء ماضيه وإيجابياته سيتخبّط في الحياة، كالذي يتخبّطه الشيطان من المس. قال عليه الصلاة والسلام: “اتَّقِ اللهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ”.

فمن وجد خيرا فليحمد الله وليثبت عليه ومن وجد غير ذلك فالفرصة قائمة ليصحح أخطاءه. جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.

خطبة  الجمعة من جامع الجزائر – الجزء الثاني والأخير –