أنوار من جامع الجزائر.. الإسلام هو الإطار الحضاري والمقوّم الأساسي للهوّية الوطنية (الجزء الثاني)

أنوار من جامع الجزائر.. الإسلام هو الإطار الحضاري والمقوّم الأساسي للهوّية الوطنية (الجزء الثاني)

لقد جاء مشروع نوفمبر متضمّنا لهذه القيم؛ وعبّر عن مبادئ وأهداف، كان أهمّها توضيح هوّية الدولة الجزائرية، بعد استعادة الاستقلال، واعتبار الإسلام الإطار الحضاري والمقوّم الأساسي للهوّية الوطنية؛ حيث نصّ على: “إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية، ذات السيادة، ضمن إطار المبادئ الإسلامية”؛ وتحقيق وحدة شمال إفريقيا، في إطارها الطبيعي العربيّ الإسلامي. فكان ذلك إعلانا صريحا أكّد الانتماء الحضاري للشعب الجزائري الذي اختار هويّته، منذ أربعة عشر قرنا، فلم يبغ عنها حولا، ولن يرضى بغيرها بديلا. إنّ الجزائر بالإسلام اهتدت، وبه جاهدت وانتصرت. وأمّتنا روحها الإسلام، وقوام حياتها الإسلام، ولا يضمن وحدتها وتلاحمها إلّا الإسلام. لقد تمسّك شعبنا بالإسلام، منذ أن هداه الله إليه. وكما عرف في الإسلام السماحة والكرامة والمساواة والإنسانية؛ وجد فيه العدالة الاجتماعية؛ وهي عدالة إنسانية، تمتزج فيها القيم المادية بالقيم الروحية؛ وليست مجرّد عدالة اقتصادية محدودة؛ بل هي فكر وسلوك وحضارة، تشمل جميع مظاهر الحياة ومقوّماتها، وجوانب النّشاط فيها. فكما يهدف الإسلام إلى العدل في القضاء، يهدف إلى تحقيق العدل الاجتماعي، فيقيم مجتمعا متعاونا متكافلا، تصان فيه حريته وحقوقه، ويضمن له فيه عيشه الكريم. تلكم بعض القيم الّتي جعلت شعبنا يلوذ بالإسلام، ويعتصم بحبله، ويبقى على الدوام محصّنا بركنه، متماسكا بقوته. وفي ضوء هذه القيم السامية كانت مبادئ المقاومة والجهاد؛ ومن قبس هذه الأنوار استلهم شعبنا عهد الشهداء، الّذي بقي، بمشيئة الله، أمانة يحملها الخلف عن السّلف، على مرّ الزمان، وتعاقب الأجيال.

 

الجزء الثاني من كلمة السيّد عميد جامع الجزائر بمناسبة اليوم الوطني للذاكرة