أنوار من جامع الجزائر.. اغتنام الأيام العشر – الجزء الثاني والأخير-

أنوار من جامع الجزائر.. اغتنام الأيام العشر – الجزء الثاني والأخير-

إن الأيام العشر هي الأيامُ التي أتمها الله لموسى عليه السلام ليهيئ نفسه للقاء الموعود والموقف الهائل العظيم الذي كلمه ربه فيه تكليمًا، قال تعالى: ” وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ” الأعراف: 142. إنها الأيام التي أكمل الله فيها الدين لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأتم فيها النعمة، قال تعالى: ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا ” المائدة: 3. ومما زادها شرفًا شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بأنها أفضلُ أيام الدنيا، فقال: ” أفضلُ أيامِ الدنيا العشرُ -يعني عشر ذي الحجة- قيل: ولا مثلُهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلُهن في سبيل الله إلا رجلٌ عُفِّرَ وَجْهُهُ بالترابِ “. إنها الأيام المعلومات التي أمرنا الله بأن نكثر ذكره فيها، فقال: ” لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ ” الحج: 28. أيها المسلمون، لقد خص الله هذه الأيامٓ المباركةٓ بخيرات كثيرة وأجور عظيمة لمن أطاع الله فيها واجتهد، فالأعمال الصالحات فيها أحب إلى الله منها في غيرها، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي: ” مَا مِنْ أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ مِن هَذهِ الأيَّامِ العَشرِ. قَالوا: يا رَسُولَ اللهِ! ولا الجِهادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ: ولا الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرجِع مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ “. وروى الدَّارِمِيُّ عنه صلى الله عليه وسلم ” مَا مِن عَمَلٍ أَزكَى عِندَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا أَعظَمَ أَجرًاً مِن خَيرٍ يَعمَلُهُ فِي عَشرِ الأَضحَى”. فاغتنموا أيها المؤمنون أيام العشر المباركات، واستعينوا بالله، وجدوا واجتهدوا، فَمَا هِيَ إِلَّا ساعات معدودات، يَنقَضِي تَعَبُهَا، وَيَبقَى عَظِيمُ أَجرِهَا.

– الجزء الثاني والأخير –                                                                                      من خطبة للشيخ بن عامر بوعمرة