أنوار من جامع الجزائر.. أهمية العمل في الإسلام  (الجزء الأول)

أنوار من جامع الجزائر.. أهمية العمل في الإسلام  (الجزء الأول)

قال الله تعالى في محكم البيان: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” الملك: ١٥،قال ابن كثير-رحمه الله- في تفسير الآية ” فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات”. عباد الله:إن الله تعالى قد أبدع خلق الكون، وسخره للإنسان تشريفا له وتكريما، ومن مقتضى حكمته البالغة أن جعل هذا الكون خاضعا لنواميس دقيقة، وقوانين مطردة، لتستقيم حياة الناس، ومن نواميس الحياة اتخاذ الأسباب للكسب والمعاش، فجاءت أوامر الشرع الحنيف متضافرة تحثُّ على اتخاذ الصنعة الشريفة-وهي كل حرفة تدور في فلك الحلال-، ِإذْ لم يفرق الدينُ بين حرفة دنيَّة وصنعة رفيعة، فكل كسب حلال وسام شرف لصاحبه، يتعفف به عن ذل السؤال، ويؤجر عليه ثوابا من عند الله الكبير المتعال، جاء في الأثر الصحيح-كما عند البخاري- عنه أنه قال: “لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه”، وما أجمل كلمة الفاروق عمر رضي الله عنه: ” مكسبة في بعض دناءة خير من سؤال الناس”، وكما حث الإسلام على الكسب والتسبب له، فقد حرص على أن يكون من حلال، فأمر الله تعالى المؤمنين بتحري الطيب من المعاش، وحرَّم عليهم منه كل خبيث، جاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  “أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى “يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ” المؤمنون: ٥١. وقال “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ” البقرة: ١٧٢ . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر؛ يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب؛ ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذِي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك ؟”.

 

الجزء الأول من خطبة للأستاذ الدكتور عماد بن عامر