أنوار رمضانية… رمضان والتوبة

أنوار رمضانية… رمضان والتوبة

هل تشكو مثلي من كثرة الذنوب، وطُغيان الهوى في القلوب؟ هل تعاني مثلما أُعاني من ظلمات الشهوة وطول الغَفلة؟ أيها الراغبون في التوبة، أبْشروا؛ أتاكم شهرُ الغُفران المُرتجى، والعطاء والرضا، والرأفة والزُّلفى، أتاكم شهر الصفح الجميل، والعفو الجليل، أتاكم شهر النَّفحات وإقالة العثرات، وتكفير السيِّئات، فليكُن شهركم بداية مولدكم وانطلاقة رجوعكم، وإشراق صُبحكم وتَباشير فجركم، وأساس توْبَتكم. فالتوبة: “ملاذ مَكين، ومَلجأ حصين، دَنَسُ المعاصي يُغسَل بماء التوبة، ولوثة الخطايا تُزال بزُلال الاستغفار، والتوبة هروب من العِصيان إلى الأُنس بالرحمن، هروب من السيِّئة إلى الحسنة؛ إنها فِرار من الخالق إلى أعتابه، وهروب من الجبَّار إلى رحابه.

والتوبة: “افتقار إلى الله وانكسارٌ، واستغفار واعتذار من الذنب والناس هجوع، وتذلُّل بين يديه وخضوع، وإقلاع عن الذنب ورجوع، وعَزْم وعهْدٌ على الابتعاد عن المعاصي وأسبابها، ومُقترفيها وأمكنتها فيما هو آتٍ، ورَدٌّ للمظالِم والحقوق المُغتصبة بغير حقٍّ إلى أصحابها. والتوبة: “ندَمٌ على اقتراف الذنب والشعور بلَدغه وكيِّه، والندم هو بيت القصيد، وحجر الزاوية، وقُطب الرَّحى في التوبة، فمَن لَم يَشعر به حسرة تَغمره، ونارًا تتأجَّج في قلبه، فليس بتائب – وإن ادَّعى. والتوبة: نداء الله عزَّ وجلَّ المتلطِّف لعباده بألاَّ يَقنطوا من رحمته، أو يَيْئَسوا من مَغفرته؛ ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” الزمر: 53.

فمتى يتوب مَن أسرَف في الخطايا وأكثرَ من المعاصي، إنْ لَم يَتُب في شهر رمضان؟! ومتى يعود إن لَم يَعُد في شهر الرحمة والغفران؟! فيا أيها العاصي، لا تَقْنَط من رحمة الله بسوء أعمالك، فكم يَعتق من النار في هذه الأيام من أمثالي وأمثالك، فأحْسِن الظنَّ بمولاك وتُب إليه؛ فإنه لا يَهْلِك على الله هالك.