أنوار رمضانية.. رمضان والتقوى

أنوار رمضانية.. رمضان والتقوى

قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” البقرة: 183. وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم، إنها التقوى؛ فالتقوى هي التي تَستيقظ في القلوب، وهي تؤدي هذه الفريضة؛ طاعةً لله وإيثارًا لرضاه، والتقوى هي التي تَحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تَهجِس في البال، والمخاطَبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله ووزنها في ميزانه، فهي غاية تتطلَّع إليها أرواحهم، هذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصِّل إليها، ومِن ثَمَّ يرفعها السياق أمام عيونهم هدفًا وضيئًا، يتَّجهون إليه عن طريق الصيام؛ ” لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ “.

التقوى: خير الزاد، وخير اللباس، ووصيَّة الله للأوَّلين والآخرين، وهي العُدَّة في الشدائد والعون في المُلمات، ومَهبط الرَّوح والطمأنينة، ومُتَنَزَّل الصبر والسكينة.

التقوى: أن تَجعل بينك وبين غضب الله – وعقابه وعذابه – وقايةً؛ وذلك بفعْل طاعته واجتناب معصيته، فالإنسان مفطور على التوقِّي من كلِّ ما يؤلِمه أو يضرُّه، حتى إنه يتوقى من حرِّ الشمس ومِن ألَم البرد باللجوء إلى ظلِّ سقفٍ أو حائط أو شجرة، فما أحوَجه إلى ما يَقيه وقاية حسيَّة ومعنويَّة مما يضرُّه في الدنيا والآخرة نتيجة عِصيانه لله.

التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله، ترجو ثواب الله، وأن تتركَ معصية الله على نورٍ من الله، تخاف عقاب الله.

التقوى:  حساسية في الضمير، وشفافية في الشعور، وخشية مستمرَّة، وحَذَرٌ دائم، وتَوَقّ لأشواك الطريق، طريق الحياة الذي تتجاذَبه أشواكُ الرغائب والشهوات، وأشواك المطامع والمطامح، وأشواك المخاوف والهواجِس، وأشواك الرَّجاء الكاذب فيمَن لا يَملِك إجابة رجاءٍ، والخوف الكاذب ممن لا يَملِك نفعًا ولا ضُرًّا، وعشرات غيرها من الأشواك.

التقوى: ما أسهلَ لفظها! وما أصعَب تطبيقها! لا يُطيق تطبيقها إلاَّ الأفذاذ من المؤمنين الذين اشتروا الآخرة، وباعوا الدنيا.