أنوار رمضانية… رمضان والانتصار على الشهوات

أنوار رمضانية… رمضان والانتصار على الشهوات

 

رمضان تَمرين عمليٌّ للصائم على التغلُّب على شهواته المختلفة، من شهوة البطن والفرج، والنَّظر والسمع، والكلام والقلب، والنفس وغيرها؛ بحيث يتحرر من أسرها له، ويتعالى على جواذبها التي تجذبه إلى مستنقعها الآسن، ويُخلِّص نفسه من كل دواعي الاستجابة لإغراءاتها. والانتصار في معركة الشَّهوات قضية مصيرية بالنِّسبة للمؤمن؛ لأنَّه إن انهزم فيها وفشل في مقاومتها وسلم العنان والخطام لها، أدَّى به ذلك دون شك إلى الانهزام في كل معاركه الأخرى، فالشهوات حواجز تحجز عنه موارد التوفيق، وصوارف تصرفه عن النَّجاح في أمر آخرته الذي هو رأس الأمر كله. وما انتصر أسلافنا على أعدائهم إلاَّ بعد ما انتصروا في معركة الشهوات هذه، وما انهزموا وانكسرت شوكتهم إلاَّ لما استسلموا لشهواتهم وانهزموا أمامها، وما خسارتنا للأندلس السليب إلاَّ خير دليل على ذلك.

 

رمضان والانتصار على الشح والبخل

 

إنَّ التخلُّص من داء الشحِّ والبُخل، وتطهير النَّفس منهما، والذي عدَّه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من المهلكات، والمتسبب في كثير من الموبقات؛ لما قال: “إيَّاكم والشح، فإنَّه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظُّلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا”؛ أبو داود . لذلك كان صلَّى الله عليه وسلَّم أجود ما يكون في رمضان، حتَّى كان كالريح المرسلة، فليتأسى المؤمن به، ويعلنها حربًا لا هوادة فيها على كل ما لَهُ عَلاقة بالشح والبخل، فالفلاح الذي هو غايته ومبتغاه في الدُّنيا والآخرة، لا يُمكن أن يحوزه إلاَّ إذا نجح في معركته مع الشحِّ؛ كما قال تعالى: “وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” التغابن: 16.