رمضان شهر الإخلاص بلا منازع، وقد توفرت كلُّ عوامل النَّجاح للمؤمن فيه على كل دواعي الرِّياء وأسبابه، وتنمية عنصر المراقبة والتجرُّد لله عزَّ وجلَّ لديه، فامتناع الصائم عن الطَّعام والشراب والشهوات المادية والمعنوية طيلة يومه؛ استجابة لأمر ربه هو عين الإخلاص، وإنَّ تحقيق هذا النَّوع من الانتصار هو الأساس الذي تنبني عليه كلُّ الانتصارات الأخرى، فإن تربَّى العبد على الاستحضار الدائم لعامل المراقبة هذا، وذلك بعدم جعل الله أهونَ الناظرين إليه، وتجنب ما لا يُرضيه من فعل أو قول أو خلق أو سلوك، سرًّا أو علانية يكن بذلك قد تجاوز عتبة الانتصار الأول، والمهم في مدرسة الصيام؛ ليصحبه صحبة دائمة لازمة طيلة العام.
الانتصار على الشيطان
وقد هيأ المولى سبحانه وتعالى ذلك للصائم، فصفَّده له؛ ليسهِّل له وعليه هذا النوع من الانتصار، ولكي يقوي عناصر المناعة الإيمانية لديه، ويستحضر كل مسببات القوة اللازمة؛ لينتصر في معركته مع شيطانه بشكل دائم، أو غالب على الأقل، ورمضان فرصة مواتية لتنتقم من شيطانك وتغلبه وتصرعه بسهولة ويُسر؛ لأنَّك إن فشلت في معركتك معه في شهر الصيام، فأنت فيما سواه من الشُّهور أفشل، تصوَّر نفسك في حلبة تصارع خصمًا مُكبَّلَ اليدين والرجلين، وأنت حر طليق في كامل قوتك ولياقتك وعافيتك ونشاطك، ألا يكون من العيب والقصور والحرمان ألاَّ تنتصر عند ذلك؟! فاعمل جاهدًا واستغلَّ الفرصة؛ لتذوقَ طعم الانتصار على الشيطان؛ كي يغريك ذلك بالاستمرار في صرعه فيما سوى ذلك من الأوقات.