يأتي الرسم الأخير المسيء إلى الرسول الكريم محمدٍ صلى الله عليه وسلم في إطار تلك النظرة المستعلية، والسلوك المتغطرس، والنهج العدواني؛ استمرارًا لمسلسل الإساءات السابقة، من قِبَل فئات ضالة في الغرب الأوربي والأمريكي معًا، وهو أمر غير مقبول أخلاقيًّا ودينيًّا وحضاريًّا بتاتًا، ويمثل خروجًا مقزّزًا على حرية الرأي والتعبير، وتعديًا صارخًا على أقدس مقدَّسات المسلمين الدينية. فلا جرم أن الحقيقة المحمدية للذات الشخصية للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم تأخذ معنى الرمزية الإعتقادية المطلقة عند المسلمين؛ باعتباره النموذج النبوي للإنسانية، للتأسي به في تكامل الفضائل المطلقة، والقيم النبيلة: ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ” الأحزاب: 21؛ فكان بتلك المناقب المثالية العالية وعاءً للفضيلة: ” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ” القلم: 4؛ حيث تجسد فيض خلقه الرفيع على الإنسانية والعوالم الأخرى بالرحمة التي أضفاها عليه رب العالمين بقوله “َ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” الأنبياء: 107.
ولا جرم أن الرسول صلي الله عليه وسلم بهذا المعيار الإلهي كان رسولَ رب العالمين إلى العالمين جميعًا، وعليه؛ فرحمته العامة، ورأفته الرساليَّة بالعالمين، والتي تجسَّدت في السلوك النبوي الفاضل في كل مجالات الحياة، يجب أن تقابل بالحب من جميع الناس، لا بالتنكر له، والإساءة إليه، التي تكفَّل الله تعالى بردِّها عنه من أي شانئ إلى يوم الدين، على قاعدة: ” إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ” الكوثر: 3؛ فبقي في ظل هذه العناية الربانية، طيب الذكر على الدوام، بمقتضى الإرادة الإلهية، التي أصَّلت لهذه الرفعة الأزلية، على قاعدة: ” وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ” الشرح: 4. وإذا كان المطلوب الآن من المسلم، أن يكونوا يدًا واحدة في مواجهة تلك المحاولات الدنيئة، التي تسعى لتأجيج الصراع بالفتنة بين الناس، وأن يعملوا على وأدها؛ حتى مع تحقق القناعة لديهم بأن مكافحة هذه الظواهر السلبية، إنما تكون عن طريق تعزيز الحوار فيما بين الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم المتبادل، والعمل المشترَك من أجل مواجهة العنصرية، ونبذ التطرف؛ تمشيًا مع مبادئ الإسلام الحنيف، فإن علينا أن ننصر الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ورد الاعتبار لذاته، وأن نستنفر كل عناصر القوة الكامنة في الأمة، اقتصاديًّا وبشريًّا، وزجها في إستراتيجية معاكسة لإستراتيجية التعالي والازدراء والإساءة إلى الرموز، والمس بالمقدسات.