أم البواقي: عرض فيلم الشهيد “محمد العربي بن مهيدي” في القريب العاجل

أم البواقي: عرض فيلم الشهيد “محمد العربي بن مهيدي” في القريب العاجل

الجدل حول بعض محطات العمل التاريخي الضخم ينتهي

فيلم العربي بن مهيدي جاهز للعرض

سيتم “في القريب العاجل” عرض الفيلم الذي يتناول حياة الشهيد “محمد العربي بن مهيدي”، حسب تصريح أدلى به بولاية أم البواقي وزير المجاهدين الطيب زيتوني.

وقال الوزير للصحافة بمسقط رأس الشهيد محمد العربي بن مهيدي بالمكان المسمى دوار الكواهي بالقرب من مدينة عين مليلة في إطار زيارته لولاية أم البواقي، بمناسبة إحياء الذكرى 62 لاستشهاده “كنا نتمنى أن يعرض فيلم الشهيد بن مهيدي بهذه المناسبة، إلا أن تأخر إجراءات استكمال هذا العمل حالت دون ذلك”.

وأضاف أنه في سياق إتمام هذا العمل الفني السينمائي، التقى المخرج بأعضاء لجنة القراءة الذين “أبدوا بعض التحفظات على الفيلم”.

وسيعيد المخرج، حسب ما أفاد به الوزير، “مراجعة بعض الأمور التقنية ليعيد تقديمه للجنة القراءة للموافقة عليه ومن ثمة عرضه بشكل رسمي على المشاهدين”.

وكانت وزارة المجاهدين قررت في البداية وسط جدل كبير منع فيلم “العربي بن مهيدي” لمخرجه بشير درايس من العرض بسبب تحفظات على بعض الحقائق التاريخية في الفيلم.

وشددت الوزارة إن لجنة القراءة والمشاهدة التابعة للمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، وبعد إطلاعها على مضمون الفيلم أبدت جملة من التحفظات حول مشاهد عديدة تتعلق بالمسيرة النضالية للشهيد.

وأمرت وزارة المجاهدين المخرج بشير درايس بعدم عرض الفيلم أو استغلاله بأي شكل من الأشكال حتى يتم رفع التحفظات المسجلة حوله..

وعلق بشير درايس مخرج العمل على صفحته في فايسبوك “فيلم بن مهيدي ممنوع من العرض رسميا، سآخذ الوقت الكافي مع المحامي من أجل مناقشة أسباب هذا المنع”.

واستغرق العمل على هذا الفيلم التاريخي الذي يرصد مسيرة الشهيد العربي بن مهيدي 5 سنوات كاملة، حيث تم دعمه من وزارتي الثقافة والمجاهدين.

وتحتفظ الذاكرة الوطنية بصورةٍ للشهيد العربي بن مهيدي (1923 -1957)، وهو يبتسم في وجوه الفرنسيّين الذين لم يُفلِحوا في انتزاع اعتراف منه، رغم ما تعرّض إليه من تعذيب. وتروي بعض الشهادات أن الجنرال مارسيل بيجار قال، بعد أن أدّى تحيّةً عسكرية أمام جثمانه: “لو كان لي ثلّة من أمثاله، لغزوتُ العالم”.

يُعدّ بن مهيدي، الذي عُرف بمقولته “ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب”، واحداً من “مجموعة الستّة” التاريخية التي اجتمعت في الجزائر العاصمة في الرابع والعشرين من أكتوبر 1954، لوضع اللمسات الأخيرة لتفجير الثورة التحريرية (1954 – 1962)، إلى جانب كلّ من: مصطفى بن بولعيد، وديدوش مراد، وكْريم بلقاسم، ومحمّد بوضياف ورابح بطاط.

الرجل الذي ستُعيّنه الثورة عضواً في “لجنة التنسيق والتنفيذ” ثم يقود “معركة الجزائر” (1954 – 1957)، والتي اعتُقل خلالها وقُتل بعد أن تعرّض إلى التعذيب، كان قد بدأ نضاله ضدّ الاستعمار الفرنسي وهو لم يتجاوز التاسعة عشرة من العمر؛ إذ التحق بـ “حزب الشعب” سنة 1942، واعتُقل خلال مجازر الثامن من ماي 1945، وكان من أوائل الملتحقين بـ “المنظّمة الخاصّة” سنة 1947.

تبدو تلك المحطّات مغريةً لأيّ مخرجٍ سينمائي، خصوصاً في ظلّ توجّه السينما الجزائرية، خلال السنوات الأخيرة، إلى إنجاز أفلامٍ تروي سيَر قادة ثورة التحرير، بعدما ظلّت لعقود محصورةً في مقاربة “البطل الوحيد هو الشعب”.

هكذا، أُنتج عددٌ من الأفلام التي تناولت شخصيّاتٍ بارزةً في الثورة؛ من بينها: “مصطفى بن بولعيد” (2008) و”كريم بلقاسم” (2015) و”العقيد لطفي” (2015) لـ أحمد راشدي، و”زبانة” (2012) لسعيد ولد خليفة (2012)، و”عملية مايو” (2015) لـ عكاشة تويتة، والذي يروي سيرة المناضل الفرنسي اليساري هنري مايو.

وبالفعل، ظهرت فكرة إنجاز فيلم سينمائي عن بن مهيدي في 2007، من دون أن تتحقّق. وفي 2012، بُرمج العمل ضمن تظاهرة “خمسينيّة الاستقلال”. لكن المشروع تأجّل إلى مارس 2015؛ حين شرع المنتج والمخرج الجزائري، بشير درايس، في تصوير أولى مشاهد الفيلم في “فيلا سيزوني” في الجزائر العاصمة، المكان الذي شهد تعذيب الرجل وقتله.

وشارك في الفيلم مجموعة من الممثّلين؛ من بينهم: خالد بن عيسى (في دور العربي بن مهيدي)، ونبيل عسلي وإيدير بن عيبوش. أمّا السيناريو، فاقتبسه عبد الكريم بهلول عن نصٍّ لمراد بوربون الذي قال إنه استند فيه إلى كتب ووثائق تاريخية لمناضلين جزائريّين وجنود فرنسيّين، إلى جانب شهادات أدلى بها رفاق بن مهيدي وأفراد من عائلته.

وقد بلغت ميزانية العمل قرابة ستّة ملايين أورو؛ إذ حصل على تمويلٍ من وزارة المجاهدين بنسبة 29 %، ومن وزارة الثقافة بنسبة 40 %، إلى جانب عددٍ من المؤسّسات الاقتصادية.

وكان مقرّراً عرض الشريط السينمائي في السنة نفسها، ضمن احتفالية “قسنطينة عاصمة للثقافة العربية”، غير أن توقُّف التصوير لأشهر، بسبب نفاد ميزانيّته حسب المخرج، أجّل ذلك، وهو ما ظلّ يتكرّر طيلة السنوات الأربع الأخيرة، إلى أن أعلن مؤخّراً أنه بات جاهزاً للعرض.

الصادق/ب