انطلقت بتيزي وزو مبادرة فريدة من نوعها في البلاد، وتتعلق بتأليف كتاب يعد هو الأضخم في الجزائر بمبادرة من فرع الجمعية الجزائرية لمحو الأمية “اقرأ” ، وذلك بهدف تطوير اللغة الأمازيغية وجمع مصطلحاتها الأصلية،
بعد أسبوع فقط من انطلاق موسم الدراسة لمحو الأمية في الجزائر.
لم تكن تاسعديث إيرباحن وزميلاتها في صفوف مدارس محو الأمية بمنطقة تيزي وزو، يتوقعن أن يكون لهن بصمة في أضخم عمل مؤلف لجمع المصطلحات الأمازيغية في الجزائر.
وقررت تاسعديت صاحبة الـ68 عاماً كما وضحت لهاف بوست عربي، أنها لن تبخل في المساهمة بما تعرف من مصطلحات أمازيغية ورثتها عن أجدادها، وتتحدثها بطلاقة هي وأبناؤها وأحفادها.
وتقول أيرباحن: “هذا هو العام الثاني الذي أدرس به هنا، جئت من أجل تعلم اللغة العربية لأساعد نفسي في أداء عباداتي في أحسن وجه، كوني لا أتقن من العربية سوى السماع والإنصات”.
وتضيف “في 02 أكتوبر، وبعد يومين فقط من انطلاق الدراسة للموسم الجديد، زارنا رئيس فرع الجمعية الجزائرية لمحو الأمية “اقرأ” واقترح علينا فكرة تأليف كتاب يهتم بمصطلحات الأمازيغية، وهو ما لم نرفضه أنا وزميلاتي، وقررنا مساعدته بكل ما أوتينا من معرفة”.
منجم مهم
“كبيرات السن، وإن قضين سنوات في الأمية والجهل لأسباب كثيرة، أبرزها الاستعمار والأوضاع الأمنية في البلاد، إلا أنهن يعتبرن مصدراً مهماً لما لا يعرفه الكثير عن أصل المصطلحات الأمازيغية وشرحها”.
بهذه العبارة بدأ حسين خليد رئيس فرع الجمعية الجزائرية لمحو الأمية “اقرأ” بتيزي وزو كلامه مع هاف بوست، بعدما اعتبر الكتاب الذي سيتم تأليفه، “هو الأضخم في تاريخ الجزائر، وسيركز على كل المصطلحات الأمازيغية، التي باتت لا تستعمل سوى في قرى وأماكن معزولة في الجزائر ومن طرف كبار السن”.
ويرى خليد أن مدارس محو الأمية في منطقة القبائل انطلاقاً من ولاية تيزي وزو، تعد منجماً مهماً لهذه المصطلحات، خاصة في المناطق الجبلية، بالتالي فالجمعية ستعتمد على مريدات هذه المدارس وتوجيهاتهن في إثراء المؤلف بالمصطلحات.
لماذا النساء؟
يتساءل الكثيرون عن السبب الذي تم فيه الاعتماد على العنصر النسوي وكبيرات السن على الخصوص في إنجاز هذا المؤلف.
السبب يشرحه المسؤول عن المشروع بالقول “نعم تم الاعتماد على كبيرات السن لعدة اعتبارات، في مقدمتها عدم احتكاكهن باللغات والثقافات الأخرى، ما يجعل مصطلحاتهن الأمازيغية صافية عكس الرجال الذين يحتكون بكثير من المصطلحات الدخيلة من خلال السفر والعمل”.
ويضيف في هذا الشأن “نسب الأمية المقدمة من طرف جمعية “اقرأ” الوطنية، تشير إلى أن عدد الأميات يغلب على الأميين في منطقة القبائل، ما يجعلنا مرغمين على العمل مع العنصر النسوي أكثر”.
وباركت المحافظة السامية للأمازيغية في الجزائر هذا المشروع، واعتبرته خطوة لتعزيز اللغة والثقافة الأمازيغية، ومكسباً مهماً لابد من دعمه.
وأكد الهاشمي عصاد رئيس المحافظة السامية للأمازيغية، بأن الجزائر ومن ورائها المحافظة السامية، أصبحت تفتخر بكل المكاسب التي باتت تحظى بها الأمازيغية، من تعميم تدريسها، إلى توظيفها ميدانياً وإجراء البحوث فيها”.
وقال عصاد لهاف بوست عربي “كنت حاضراً في 10 سبتمبر بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو لما كشف النقاب عن هذه الفكرة، وكنت من أكبر المباركين والداعمين لها، لأنها ببساطة تهتم بهويتنا وثقافتنا وترقي لغتنا الوطنية الأمازيغية”.