أميار العاصمة مطالبون ببعث الحياة في العيادات الجوارية  

أميار العاصمة مطالبون ببعث الحياة في العيادات الجوارية  

أضحى امتصاص الضغط المسجّل بالمستشفيات بعد ظهور وباء كورونا ضرورة ملحة، بل وتصدّرت قائمة الأولويات لدى الحكومة التي أبرقت تعليمات مستعجلة للولاة والسلطات المحلية، لإعادة الاعتبار للعيادات الجوارية الكفيلة بتحرير المراكز الاستشفائية الكبرى، وتمكينها من الانصراف إلى الحالات الحرجة والاستعجالية سيما مع تناقص عدد العاملين في الحقل الطبي وإصابة الكثيرين بالإنهاك لعدم استفادتهم من العطل وتضاعف ساعات عملهم، موازاة مع استمرار ارتفاع عدد الحالات المصابة بالفيروس بتخطيها رقم الـ 600 حالة في اليوم، الأمر الذي جعل والي العاصمة يسارع بدوره إلى تقديم التسهيلات اللازمة لبعث الحياة في المراكز الصحية الجوارية التي أكل عليها الدهر وشرب على أن تأخذ المجالس الشعبية الأمر على محمل الجد سيما في هذا الوقت الفيصلي الذي زادت فيه الحاجة إلى ترقية الخدمات الصحية إلى مستويات تقنع المرضى وتستجيب لتطلعاتهم.

لا يختلف اثنان على أن المعاناة التي يقاسيها المريض في تنقله إلى عيادته الجوارية بمختلف بلديات العاصمة لا تقل قساوة عن معاناته مع المرض نفسه، بالنظر إلى الافتقار الملفت لأغلب الضروريات، ما يجعله يلجأ إلى العيادات الخاصة متكبدا مصاريف هو في غنى عنها، وكأن ضريبة مجانية العيادات الجوارية هو المستوى المتدني للخدمة، بحيث تشكو نقصا في الإمكانيات والعتاد الطبي، وتُعرف بسوء التسيير والتنظيم وكذا نقص عدد الأطباء ناهيك عن عدم الالتزام بالمناوبات الليلية، ما جعل قاعات الانتظار في كل مرة تمتلئ عن آخرها، وتجبر مرتاديها على الانتظار كثيرا قبل بلوغ دورهم، فلا أشعة ولا حقن ولا حتى ضمادات، وعدم توفر أغلب التحاليل التي يحتاجها المريض، فيضطر الأخير للتوجه إلى المستشفيات التي تشهد ضغطا كبيرا، بسبب استقطابها للوافدين من مختلف بلديات العاصمة وحتى من الولايات الأخرى وأضحت أغلبها ملاذا للمصابين بداء كورونا أو المشتبه بإصابتهم بالوباء.

 

 

مواطنون متذمرون من مستوى الخدمات الصحية

 

يردد المواطنون بالعاصمة على مدار سنوات نفس العبارات ونفس الأفكار إزاء الخدمات الصحية المقدمة على مستوى مراكزهم الصحية، وهذا إن وجدت ولم تتحول إلى هيكل دون روح بفعل الأزمات التي مرت بها البلد سيما خلال سنوات التسعينيات وما تلاها، غير أن ذلك لم يمنعهم من المطالبة بحقهم من خلال الدعوة إلى النهوض بقطاع الصحة في مقرات إقامتهم والتي باتت لا تقدم أدنى الخدمات، خاصة وأن جل هذه البلديات عرفت تدفقا سكانيا كبيرا بسبب مختلف عمليات الترحيل التي شهدتها في السنوات الأخيرة، مطالبين الجهات المعنية بالوقوف على الوضع الكارثي لعياداتهم التي تعرف اهتراء كبيرا وتفتقر إلى المعدات الطبية اللازمة، وفي الكثير من الأحيان تفتقد الأطقم الطبية المتخصصة للعلاج والمتابعة، فانعدام المراكز الصحية وقاعات العلاج بحي 1200 مسكن بحي سمروني يعتبر الشغل الشاغل لسكانها الذين يضطرون للتنقل إلى غاية مستشفى بني مسوس من أجل تلقي العلاج، خاصة في الحالات الاستعجالية والفترات الليلية أين يضطر المرضى لقطع ما لا يقل عن أربعة كيلومترات من أجل الوصول لمبتغاهم، كما أن سكان بلدية أولاد الشبل لم ييأسوا في طرح انشغالهم من أجل توفير العيادات الجوارية التي باتت أمرا ملحا خاصة بالنسبة للأطفال وذوي الأمراض المزمنة، إذ أن البلدية لا تتوفر إلا على مستوصف واحد لا يملك التجهيزات الطبية اللازمة ولا الطاقم الطبي الذي بإمكانه تلبية احتياجات سكان بلدية بحجم أولاد الشبل، ضف إليه أن المستوصف يشتغل على وقع نقص الأدوية وتدني الخدمات بالمصحة العلاجية الوحيدة على مستوى البلدية، الأمر الذي جعل الأطباء والممرضين في مواجهة دائمة مع المرضى الذين يقصدون العيادة، أما العيادات الجوارية بمركز بلدية عين طاية فهي تعاني من الاكتظاظ الرهيب للمرضى ليلا ونهارا ما جعلها تعيش حالة متردية، إذ لا تتوفر بها المعدات اللازمة من أشعة و باقي المستلزمات الضرورية وحتى عدد الأطباء لا يغطي احتياجات كل السكان، نفس الشيئ بالنسبة لسكان بلدية زرالدة الذين يجهلون سر تغاضي السلطات المحلية والولائية عن توفير مركز صحي مجهز بالمنطقة التي تعرف كثافة سكانية معتبرة، خصوصا وأنه يعتبر من الضروريات، أما سكان حي 500 مسكن بالسويدانية فيشتكون من نقص الأطباء…. وهي عينة لأحياء وبلديات تشكو من نوعية الخدمة الصحية الكارثية دون أن تتلقى أي استجابة على مدار سنوات ارتبطت أسماؤها بالتدهور وانعدام الرعاية الطبية، ما جعل الكثيرين يلجأون إلى المستشفيات كبديل لهم .

 

مطالب بفتح تحقيق حول أداء القائمين على العيادات الجوارية

 

خرج مرتادو هذه العيادات عن صمتهم إزاء أدائها الذي أضحى نموذجا حقيقيا للإهمال واللامبالاة، لدرجة جعلت القائمين عليها لا يجدون أي حرج في توجيه المرضى إلى المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة، ما يزيد من شقائهم بحجة غياب المعدات أحيانا والفريق الطبي أحيانا أخرى، واقتصار الدوام على سويعات قليلة فقط عكس ما يفرضه القانون في حالات مماثلة، الأمر الذي عجل بارتفاع الأصوات المنتقدة لوضعها أملا في إنهاء الخلل، وتمكينهم من خدمة طبية محترمة تحفظ لهم كرامتهم و تعفيهم من مشقة التنقلات إلى مناطق بعيدة، مشددين على ضرورة فتح تحقيق في هذا الموضوع ودعوا الوزارة الوصية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الإهمال الحاصل، سيما وأن المريض يعجز عن إيجاد غايته ليوجه إلى وجهات أخرى رغم صعوبة الأمر بالنسبة للكثيرين سيما منهم الحوامل وكبار السن الذين يعانون الأمّرين للحصول على خدمة صحية في المستوى، موضحين أن ساعات العمل بها معدودة في غالبية أيام الأسبوع لأقل من ثماني ساعات، رغم توافد المرضى إليها قصد تلقي العلاج.

 

العيادات الجوارية لتحرير المستشفيات من الضغط

 

سارعت مصالح ولاية العاصمة إلى تعزيز القطاع بهياكل جديدة لتخفيف وطأة المعاناة على السكان الذين يشكون الأمّرين للاستفادة من خدمة طبية في المستوى، وأفرجت عن 16 عيادة متعددة الخدمات موزعة على عدة بلديات بالعاصمة، في إطار تحسين الخدمة العمومية والرعاية الصحية بالولاية، حيث شددت العاصمة على ضرورة مواصلة تعزيز قطاع الصحة العمومية ومنحه كل العناية والرعاية والأولوية سيما في الوقت الحالي بعد تفشي فيروس كورونا وظهور الحاجة إلى مثل هذه العيادات لتكون إضافة مساعدة للمستشفيات، وهذا من خلال تسخيرها لموارد هامة من الثروة الوطنية لتطوير المنظومة الصحية والتكفل بأعبائها من حيث الهياكل والتّأطير، حيث تبذل الولاية مجهودات كبيرة وسخرت أغلفة مالية معتبرة للتكفل بالقطاع وتحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة سواء بالنسبة للإنجازات الجديدة أو الترميمات أو اقتناء الأجهزة الطبية وسيارات الإسعاف وذلك بهدف الرقي بمستوى الخدمات المقدمة.

من جهتهم، قدم عدد من الأميار تعهدات بالوقوف على العجز في القطاع الصحي و تغطيته، من خلال إنشاء عيادات جديدة أو ترميم تلك المهترئة على غرار مير أولاد فايت الذي تعهد باستغلال المحلات المغلقة وتحويلها إلى قاعات للعلاج، في حين أوضح رئيس بلدية أولاد شبل أن إنجاز عيادات طبية سيكون بمجرد توفر الوعاء العقاري الذي يستوعب المشاريع، أما رئيس بلدية زرالدة فأكد أن مصالحه تنسق مع مديرية الصحة لتحسين الخدمات الصحية.

وكان والي ولاية الجزائر، يوسف شرفة، قد أكد أن مصالحه سترافق القطاع الصحي من أجل مساعدته على التكفل بالقائمين على المراكز الاستشفائية في سبيل تدارك النقائص والتكفل والتضامن لمكافحة فيروس كورونا المستجد، أما وزير الصحة بن بوزيد فكان قد دعا إلى ضرورة بعث نشاط مؤسسات الصحة الجوارية لتقريب الصحة من المواطن وتخفيف الضغط على المستشفيات الكبرى مقدما توجيهات لبعث البرامج والحملات الصحية، إضافة إلى تلك المخصصة حاليا لمحاربة تفشي جائحة كورونا، مشددا على احترام مواصلة جميع النشاطات التابعة للقطاع.

 

تجاوز المشكل المادي وإنجاز 16 هيكلا جديدا قريبا

 

تعزّز قطاع الصحة بالعاصمة بجملة من المشاريع التي لم يبق لها الكثير لترى النور بعدما قطعت أشواطا متقدّمة في أشغال الإنجاز، وينتظر أن تفك الخناق عن المراكز الاستشفائية التي عانت الأمرين في استقبال المرضى والمصابين سيما في هذا التوقيت الذي يعرف فيه وباء كورونا انتشارا ملفتا، وكانت هذه المستشفيات قد طالتها الاتهامات إزاء سوء الخدمة بسبب الضغط الكبير الذي تعرفه وجعلها أكثر المرافق الخدماتية التي تثير سخط المواطنين لما يأملون منها من توفير الرعاية الطبية اللازمة سيما بالنسبة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، حيث يترقب المواطنون بفارغ الصبر الإفراج عن أكثر من 16 هيكلا خدماتيا جديدا من شأنه توفير خدمات صحية جوارية في مستوى تطلعاتهم ويعمل على تخفيف الضغط المسجل على المستشفيات والهياكل الطبية المختلفة، إذ وعلى مدار خمس سنوات وهم ينتظرون إتمام أشغالها، ويتعلق الأمر بأربع عيادات طبية جديدة دعمت الخدمات في عدة بلديات تابعة لإقليم الجزائر العاصمة، على غرار باب الوادي وبني مسوس وبراقي وحي البدر بالقبة، في انتظار فتح عيادات جديدة ببعض البلديات الأخرى، بعد الانتهاء من عملية اقتناء العتاد الطبي اللازم، حيث ستعمل هذه المرافق على الاستجابة لطلبات المواطنين القاطنين بهذه البلديات، إلى جانب البلديات والأحياء المجاورة لها، يضاف إلى كل ذلك، خمس عيادات طبية متعددة الخدمات بكل من حيي “1600 مسكن” و”دابوسي” بالدرارية، تسالة المرجة، الحراش، وبابا أحسن.

في المقابل ينتظر أن تحرر بعض المشاريع التي شملها التجميد لعدة أسباب، من بينها انعدام الأغلفة المالية المخصصة لإنجازها، وغياب الأوعية العقارية الخاصة بها، ناهيك عن مشاكل وعراقيل إدارية أخرى، حالت دون تجسيدها في آجالها القانونية المحددة.

روبورتاج: إسراء. أ