أنوارمن جامع الجزائر

أمانة النصر اليوم في أعناقنا جميعا – الجزء الثاني والأخير –

أمانة النصر اليوم في أعناقنا جميعا – الجزء الثاني والأخير –

تأملوا التاريخ، كيف أن المستعمر الذي كان يملك الحديد والنار، والبوارج والطائرات، انهزم أمام دعاء الأمهات ودموع اليتامى والأرامل وتكبيرات المصلين، إنه النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين: “ولينصرن الله من ينصره”. ومن جميل ما يروى من صفحات المجاهدين المشرقة، أن القائد الكبير العربي بن مهيدي كان يقول لجلاديه: “إننا نموت كي تحيا الجزائر”، وهو المجاهد الذي حير الفرنسيين حتى قال أحد قادتهم وهو الجنرال ماسو بعد القبض عليه: “لو أن لي عشرة من أمثال بن مهيدي لغزوت العالم كله.” فأي صدق أعظم من هذا؟ وأي حب للوطن أصدق من حب يغذى بالإيمان؟ أيها المؤمنون، إن أمانة النصر اليوم في أعناقنا جميعا: أن نحفظ الدين الذي لأجله سالت الدماء، وأن ندافع عن هذه الأرض الطيبة المروية بدماء الشهداء، وأن نصون الأخوة والوحدة التي صنعت الثورة وكانت من أعظم أسباب نجاحها، وأن نبني وطنا تسوده تلك المودة والإخاء، لأن التفرقة كانت أخطر أسلحة العدو المحتل. ولنعلّم أبناءنا أنّ الفاتح نوفمبر ليس مجرّد تاريخ، بل عقيدة ومبدأ، وذكرى عهد بين الله وعباده: أن نكون أحرارا بإيماننا، كرماء بعملنا، شاكرين لأنعم ربّنا. وفي هذا المعنى يقول خادم العلم الشريف في المقام القاسميّ فضيلة الشيخ محمد مأمون القاسمي الحسنيّ: ” إنّ الفاتح نوفمبر هو آية من آيات الإرادة، وسفر من أسفار الإيمان بالوطن، سطّره رجال أخلصوا نياتهم لله، وصدقوا جهادهم لله؛ فكان سلاحهم عقيدة، وجهادهم عبادة، وشهادته إرادة.”.. اللهم اجعل الجزائر آمنة مطمئنة، سخاء رخاء، وسائر بلاد المسلمين. اللهم ارحم شهداءنا، واحفظ من بقي من مجاهدينا، ووفق أبناءنا لحمل رسالة الأمانة من بعدهم. ثم صلوا رحمكم لله وسلموا على سيدنا محمد لذي أمركم لله بلصلاة ولسلام عليه، فقال: “إن لله وملائكته يصلون على لنبي يا أيها لذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد. اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين. اللهم ارزقنا شفاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واحشرنا في زمرته، واسقنا من حوضه شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا. اللهم احفظ بلدنا الجزائر من كل سوء، وسائر بلاد المسلمين، اللهم انصر عبادك المرابطين المجاهدين في فلسطين على أعدائهم يا رب العالمين، اللهم كن لهم عونا ونصيرا يا أرحم الراحمين، اللهم ارحم إخواننا المستضعفين في غزة، اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، واشف مريضهم، وأمن خائفهم، وارحم ميتهم، وتقبل في أعلى الدرجات شهيدهم.

 

الجزء الثاني والأخير من خطبة الجمعة من جامع الجزائر