أملٌ كان يحذو الشعب الجزائري في رؤية بوقرة وأشباله وهم يتوجون لأول مرة بلقب بطولة أمم إفريقيا للمحليين “الشان 2023″، بعد مشوار دون خطأ، إلا أن كرة القدم التي لا تعترف بالمنطق وضربات الحظ، شاءت أن تعود الكلمة الأخيرة للمنتخب السينغالي الذي صعد فوق أعلى منصة التتويج أمام جمهور غفير، صفق للفائز ورفع القبعة لفريقه في ليلة أكدت مرة أخرى أن الجزائر انتصرت على أصعدة عديدة وبرهنت بأنها قادرة على تنظيم أكبر المواعيد مهما كان حجمها.
ورغم فقدان اللقب، لكن الكرة الجزائرية نجحت في حصد مكاسب عديدة، أولها صناعة منتخب مميز نجح في تقديم نفسه بقوة، وبات العديد من نجومه مرشحين لحمل قميص المنتخب الأول، خصوصاً بعد تصدّر المجموعة الأولى برصيد 9 نقاط من 3 انتصارات متتالية أمام ليبيا وإثيوبيا وموزمبيق، وفي الأدوار الإقصائية، فازوا على كوت ديفوار، ثم اكتسحوا النيجر بخماسية دون رد، في الدور قبل النهائي، قبل خسارة اللقاء النهائي.
المكسب الثاني، هو استمرار نجاح المدرب المحلي، فبعد ما حققه المدير الفني للمنتخب الأول جمال بلماضي، نجح مجيد بوقرة في اختباره الثاني، من خلال حصد وصافة “الشان”، بعد التتويج بلقب كأس العرب 2021 في قطر.
وأخيرا، قدمت الجزائر نفسها في هذه البطولة، كمرشح حقيقي لاستضافة العديد من المناسبات الرياضية المهمة، في ظل ما تمتلكه من ملاعب بطراز عالمي، وفي أجواء جماهيرية وظروف تنظيمية استثنائية، أشاد بها رئيس الاتحاد الدولي، جياني إنفانتينو، ورئيس الاتحاد الإفريقي، باتريس موتسيبي، وكل أعضاء اللجنة التنفيذية للكاف والمنتخبات المشاركة في بطولة كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة.
الحضور الجماهيري في كل مباريات البطولة وليس فقط في مباريات المنتخب الجزائري شكّل بدوره ظاهرة لم يسبق لها مثيل، إذ فاق معدل حضور الجماهير 30 ألف متفرج، وهو الرقم الذي لم تصل إليه سابقاً كل المنافسات التي نظمتها الكاف عبر التاريخ بما في ذلك نهائيات كأس أمم إفريقيا للاعبين المحترفين، في أجواء وظروف مثالية حفزت المشاركين على تقديم مستويات لائقة.
وهو الأمر الذي حفز أعضاء اللجنة التنفيذية للكاف على إعادة النظر في حساباتهم عند اختيار البلد المنظم لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2025، بدلاً من غينيا التي اعتذرت عن التنظيم بسبب عدم جاهزيتها، مما يخلط أوراق التوقعات السابقة التي كانت تتحدث عن فوز المغرب، والذي يبقى وارداً في نظر البعض لاعتبارات لا علاقة لها بالاستحقاق.
ورغم فقدانها اللقب، فإن الجزائر حوّلت الشان من بطولة مغمورة إلى حدث تفتخر به القارة السمراء وفازت بتقدير واحترام الجميع رغم تقصيرها في التسويق لقدراتها على مدى سنوات لتعود إلى الواجهة من خلال كأس الشان، وقبلها ألعاب البحر الأبيض المتوسط وكأس العرب أقل من 17 سنة، في انتظار احتضانها كأس أمم إفريقيا للناشئين نهاية شهر أفريل المقبل، ومواعيد رياضية أخرى في مختلف الرياضات.
ب-ص