تعتزم الجزائر استصدار تأشيرات الدخول لفوج أمريكي، يتشكل من 5 رجال دين، بموجب اتفاق ثنائي مع الولايات المتحدة الأمريكية، يتضمن إخضاع رجال الدين لتكوينات عميقة بنيّة محاربة التطرف وإشاعة ثقافة السلام
والتسامح وحوار الحضارات والتعايش بين الأديان.
ولفت وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، في ندوة حول “حرية المعتقد بالجزائر”، إلى أن الدورة التدريبية الأولى لرجال الدين، الوافدين من الولايات المتحدة الأمريكية، ستنطلق في بداية شهر جوان القادم على أساس أنها دورات قصيرة المدى، ثم يجري توسيع العملية إلى تدريب رجال دين روس وصينيين، بينما يستمر التعاون الجزائري الفرنسي في هذا الإطار بتكوين أئمة جزائريين و50 إمامًا فرنسيًا ليصل المجموع هذا العام إلى 170 إمامًا يمارسون مهامهم بمسجد باريس الكبير وبقية المساجد المنتشرة عبر التراب الفرنسي.
واعتبر محمد عيسى، أن الإصلاحات التي أجرتها الحكومة على قطاع الإمامة وتنقيح برامج التربية الإسلامية، قد نجحت في إجهاض خلايا متشددة في المهد ومنعت عشرات الشبان من الالتحاق بصفوف تنظيم “داعش” الإرهابي في جبهات القتال بسوريا والعراق وحتى ليبيا.
وتم الإعلان عن تشكيل خلايا مسجدية تراقب سلوك المصلين لتكون مهمتها الإبلاغ عنهم لدى مصالح الأمن وعائلاتهم، ضمن مخطط حكومي واسع يستهدف مواجهة التطرف من المساجد.
من جهة أخرى، أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى أن “السلطات ليست لها نية محاربة أتباع الطائفة الأحمدية”، مشيرا إلى أن التهم الموجهة إليهم لا تخص ممارسة شعائرهم الدينية بل الانخراط في جمعية غير معتمدة وجمع التبرعات بدون رخصة.
وكشف محمد عيسى أنه تلقى مراسلات من ممثليات “الجماعة الإسلامية الأحمدية” ببريطانيا حول مزاعم تضييق السلطات الجزائرية على نشاطات أتباعها في الجزائر، بالإضافة إلى “تحفظ” سفارة إحدى الدول حول تصنيف الجزائر لهذه النحلة ضمن الجماعات التكفيرية، مؤكدا أن رده كان في الحالتين أن “الجزائر ليست لها نية محاربة الطائفة الأحمدية”، لكن السلطات الجزائرية “ترفض أن تتخذ بعض المذاهب الجزائر أرضا لصراعاتها كما ترفض أن تكون طرفا في هذا الصراع”.
وفي هذا السياق، تحدث الوزير عن أرقام استقاها من ممثليات الطائفة الأحمدية تشير إلى استدعاء 123 من أتباعها في الجزائر واعتقال 21، مؤكدا أن التهم الموجهة إليهم لم تكن بسبب ممارسة شعائرهم الدينية التي يضمنها الدستور بل “بسبب جمع التبرعات بدون رخصة وخارج الإطار القانوني، وكذا الانخراط في جمعية غير معتمدة”، وعقب الوزير بالقول أن أئمة تابعين للوزارة تمت مقاضاتهم بالتهمة نفسها.
وأبدى الوزير استعداد دائرته الوزارية لـ”الاستماع” إلى الأحمديين “في إطار قوانين الجمهورية”، مستبعدا أن تتمكن “الجماعة من التفاوض بشأن اعتبارها جماعة إسلامية”، مشيرا إلى الفتوى التي تعتمدها الجزائر والتي أصدرها الرئيس الأسبق للمجلس الإسلامي الأعلى، أحمد حماني، بتكفير الطائفة.
وكشف الوزير عن استقباله، الأسبوع الماضي، ممثل الجالية اليهودية في الجزائر حيث ناقش معه قضايا تخص اليهود في الجزائر.
وقال في هذا الشأن، إن تعامل الجزائر مع الجالية اليهودية “دبلوماسي” في إطار تعاون ثقافي حضاري، مؤكدا أن الجانب القانوني في هذه الجالية يحكمه الدستور.
وتحدث الوزير خلال المحاضرة التي نشطها إلى جانب وزير الدولة، وزير الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، بحضور ممثلي السلك الدبلوماسي بالجزائر وإطارات من الوزارتين، عن مشروع القانون التوجيهي للشأن الديني المنتظر الانتهاء من إعداده في نهاية 2019 في إطار برنامج رئيس الجمهورية، والذي يعنى بتنظيم فضاءات التدين في الجزائر ويعطي الخلفية الفكرية والسياسية للتوجه الديني من خلال “مواد قانونية ملزمة سيتم عرضها لنقاش اجتماعي قبل تمريرها على مجلس الوزراء ثم البرلمان”، وسيكون مسبوقا بـ”اتفاقية تفاعلية حول الوسطية والاعتدال وواجب الخروج من التشدد”، كما يهدف إلى “بث روح المواطنة” دون مراجعة النصوص الدينية بل من خلال ضبط الممارسة الدينية ومنع “مهاجمة المذاهب والديانات الأخرى على المنابر”.