يعود الحديث بشكل يومي عن مشكل انعدام الأمن بالأحياء السكنية الجديدة بالعاصمة، بمختلف الصيغ والمعاناة اليومية لأصحابها الذين تسلموا شقق الكرامة، غير أن فرحتهم بها لم تكتمل بعد أن وجدوها كمراقد تنعدم فيها العديد من المرافق الحيوية بما في ذلك المراكز الجوارية للأمن، التي بات غيابها يشكل ضغطا كبيرا عليهم، لاسيما للذين دفعوا مبالغ مالية باهضة للظفر بسكن كما هو حال المستفيدين من “عدل” و”أل. بي. بي” و”أل. أس. بي”، وها هم الآن يفضلون إخلاء الشقق وبيعها للقضاء على شبح الاعتداءات والسرقة التي تطال حتى أسلاك الكهرباء وأنابيب الغاز والمياه.
باتت عديد العائلات التي استفادت سواء من سكنات السوسيال أو مختلف الصيغ الأخرى كالتساهمي وعدل وحتى الترقوي العمومي، تفضل بيع شققها أو إيجارها على البقاء فيها ولو ليوم واحد، بالرغم من المبالغ المالية الضخمة التي دفعتها والسنوات العديدة التي قضتها في انتظار تسلمها، نظرا لحجم المعاناة التي تتكبدها بمجرد ما أن وطأت أقدامها في شقق كانت من المفروض أن تنهي مقاساتها التي دامت لسنوات في شقق هشة أو في بيوت قصديرية أو حتى في بيوت مستأجرة بالنسبة للمستفيدين من صيغ البيع بالإيجار، حيث وحسب الشكاوى العديدة التي نسمعها يوميا من طرف سكان تلك الأحياء، فإن تلك المجمعات تحولت إلى مراقد لانعدام فيها أغلب المرافق الحيوية بما في ذلك مراكز الأمن الجواري التي كان من المفروض على السلطات التفكير في إنجازها تزامنا مع إنجاز السكنات، كونها مرفقا حيويا يحتاجه السكان، لاسيما بالنسبة للأحياء التي استقبلت عائلات من أحياء شعبية ومن مواقع قصديرية، وحتى للمجمعات الواقعة بالقرب منها، وعلى المرء أن يتخيل الوضع اليومي لهؤلاء، طالما تعوّد الشباب البطال على فرض سيطرته في منطقته القديمة ومن المؤكد أنه سيحاول فرضها في تلك المجمعات ما سيؤدي لا محالة إلى مناوشات واشتباكات قد تصل إلى استعمال مختلف الأسلحة البيضاء وحتى الوسائل المحرمة ما يحوّل تلك المجمعات إلى مناطق محرّمة حتى على قاطنيها، وهو ما بات يشكل خطرا عليهم، ونعمة الحصول على شقة تحولت إلى نقمة يصعب التخلص منها، أمام غياب تام لدوريات أمن ومراكز جوارية دائمة.
وحسب شهادة بعض القاطنين، فإن السرقة والاعتداءات أضحت من المظاهر اليومية التي تعوّد عليها هؤلاء، مؤكدين أن الاعتداءات طالت حتى الأسلاك الكهربائية وأنابيب الغاز والمياه في الشقق الشاغرة، أما عن المناوشات فحدت ولا حرج، دون أن ننسى الأحياء الجديدة التي فتحت لأول مرة في عمليات الترحيل التي باشرتها المصالح الولائية منذ سنتين، فهي الأخرى تعاني من هذا المشكل، فالاعتداءات والسرقة والحروب الأهلية استفحلت بدرجة كبيرة، نظرا لغياب مراكز الأمن الوطني، وإن كان هناك بعض دوريات الأمن التي تقوم بها مصالح الأمن في بعض الأحياء، فإن لم تعد تكفي ولم تجد نفعا لحد الساعة، طالما هناك مجمعات سلمت لأصحابها منذ سنوات غير أن مشكل غياب الأمن ما يزال يطرح نفسه في كل مرة، وكأن السلطات صامت عنه وأهملته لأسباب يجهلها كل متتبع للشأن المحلي.
هذا، وقد كان والي ولاية الجزائر، عبد القادر زوخ، قد أكد أن الأوعية العقارية المخصصة لإنجاز مراكز الأمن متوفرة وموجودة في كل موقع، إلى جانب مصلحة الحماية المدنية وغيرها من المرافق الضرورية، كما أوضح أن هناك أحياء خصصت فيها عمارات تتضمن جزءا مخصصا للشرطة والدرك الوطني، غير أنها لا تزال شاغرة لحد الساعة، حيث سبق وأن قال زوخ في هذا الموضوع إن تأخر تسليمها للمستفيدين عائد لبعض التعديلات التي يجب إدخالها عليها، من خلال تحويل بعض الشقق إلى مكاتب، وهو ما من شأنه توفير بعض الراحة والطمأنينة لدى سكان الأحياء، لكن الأمر توقف دون تجسيد المشروع، وفي انتظار تحقيق ذلك يبقى هؤلاء السكان ينتظرون التفاتة من مصالح الأمن التي من المفروض أن تشدد رقابتها على تلك الأحياء، لأنها تدرك جيدا مدى صعوبة العيش في مجمعات غير آمنة.
إسراء. أ