قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).
وقال سبحانه: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ).
وقال سبحانه: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ).
وقال سبحانه: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).
وقال سبحانه: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).
وقال سبحانه: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها (اي أمرناهم بالطاعة) ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا).
وفي _الصحيحين_ عن زينب بنت جحش رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من نومه فزعاً، وهو يقول: “لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب…”، قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: “نعم، إذا كثر الخَبَث”.
و قال صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده، لتأمُرُنّ بالمعروف، ولتنهَوُن عن المنكر، أو ليوشِكَنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم” (روه الترمذي).
و ثبت عنه أنه قال: “لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا”.
ويقول العلامة ابن القيم رحمه الله: مصورا واقع زمانه: _اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد آدلهم ظلامه، فاعدلوا عن هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح، وكأنكم بالباب وقد أغلق، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (انتهى من كتاب الفوائد).
وقد ألف رحمه الله كتابا خاصا بخطورة الذنوب والمعاصي جامعا فيه المفاسدَ والعقوبات المتولدة عنها أوصلها إلى خمسين عقوبة، سماه “الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي”، واجب على كل مذنب قراءته.
لقد توفي هذا الإمام في القرن الثامن (751) فكيف لو رأى زماننا الذي أغلقت فيه المساجد كلها بما فيها الحرمان الشريفان وتعطلت الجماعة والجمعة واللائحة طويلة ذلك بما كسبت أيدينا… إن سنة الله في كتابه وكونِه معلومة وهي أنه إذا أسرف الناس في الظلم والفجور وأنواع الشرور نزل بهم غضب الله وحل بهم بطشه وعقابه هذه سنة كونية سارية لا تتغير ولا تتبدل على مر العصور والأجيال كما وقع للأمم السابقة، واقرؤوا القرءان واستنطقوا التاريخ والعقابُ قد يكون طوفانًا أو جفافا أو أعاصير أو صواعق أو زلازل او أمراضًا جسدية أو اضطرابات نفسية أو طاعونا جارفا أو جرثومة فتاكة كما هو حالنا هذه الايام والله المستعان، قال تعالى: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
إن المجتمعات حين تغرق في الشهوات وتفشو فيها المنكرات ويألف أصحابها الوقوع في الموبقات وتقوم الحياة فيها على الذنوب والخطيئات فإنها تسقط من عين الله وتقع في مصارع السوء وتكون معرضة لعذاب الله، قال تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ).
إن المعاصي في مجتمعاتنا قد استفحلت واستأسد أصحابها وتنوعت بشكل مخيف وتفنن الناس فيها بل ابتدعوا ذنوبا لم تكن معروفة من قبل ولا خطرت على بال العصاة السابقين بل ما خطرت على بال إبليس والأمثلة كثيرة جدا نستنكف عن ذكر جزئياتها…
والأدهى والأمرّ من ذلك كله هو أننا قد ألفنا هذه المنكرات وقل المنكرون لها وتبلدت فينا المشاعر والأحاسيس وماتت في قلوبنا الغيرة على الدين فإذا أنكر الواحد منا انتقصوه ونهروه، وإن قام ناصحا فبالتشدد وصفوه، وبالتطرف وقمعِ الحريات وَصَمُوه، وهذا من أعظم أسباب استجلاب غضب الله ولعنته، والدليل عليه قوله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
واختصارا فالعلاج لرفع كل وباء وبلاء في التوبة والرجوع إلى الله تعالى والقيام بالأسباب المادية المطلوبة و…. قال سبحانه: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُون).
والكلام طويل والغرض التذكير ووضعُ اليد على موضع الداء، فما أكثر العبر وأقل الاعتبار.
والله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.