أضواء من جامع الجزائر.. مَسَاجِدَ اللَّهِ

أضواء من جامع الجزائر.. مَسَاجِدَ اللَّهِ

يقول الله جلّ في علاه: “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ” التوبة.18. المساجد بيوت الله، ومهابِط رحمته، ومُلتقى ملائكته وعباده الصّالحين. وقد أضافها الله إلى نفسه، إضافةَ تشريف وإجلال؛ وأذن برفعها وتشييدها، فقال:” فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ” النّور.36. ووصف من يسعى في عمارتها بخمس صفات، كلّها جمال وجلال: الإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وعدم الخشية من أحد سوى الله. فالمتّصفون بهذه الصفات الجليلة العظيمة: هم الّذين يعمرون مساجد الله، وهم الّذين يستحقّون أن يرجوا هداية الله، وأن يكونوا من الفائزين برضوان الله. “فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ”. وفي ضوء هذا التوجيه القرآني، رأى المسلمون، عبر العصور والأجيال، أنّ من واجبهم العناية ببناء المساجد، وعمارتها، بما أمر الله أن تُعمر به بيوته. وكانت هذه المبرّات في طليعة الأعمال الّتي يطيب أثرُها، ويدوم ثمرها، مع ما أعدّ الله للقائمين بكلّ عمل مبرور من تكريم يوم لقائه. وحسبنا قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله، بنى الله له بيتا في الجنّة”. ولا عجب، فإنّ من شاد مسجدا فتح منفذا إلى نسمات الجنّة، ونفحات الفردوس الأعلى. وقد أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بأنّ المساجد رياض الجنّة. وإنّما نال المسجد هذه المكانة العالية لأنّه مركز الإشعاع الأوّل؛ وهو نقطة الارتكاز الأساسيّة الّتي ينهض عليها المجتمع المسلم. وفي القرآن الكريم ما يلفت إلى هذا المعنى، حين ذكر أنّ أوّل بيت أُقيم للنّاس باسم الله، هو المسجد الأوّل في تاريخ البشرية، والمساجد في الأرض هي بيوت الله؛ وكلّها حرم آمن؛ وفروع لأوّل بيت وضع للنّاس: “إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا” آل عمران 96.

 

الجزء الأول- من خطبة الشيخ محمد المأمون القاسمي-