إن الله سبحانه وتعالى بيَّن لنا في كتابه العظيم عداوة اليهود للمؤمنين المسلمين ” أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ” المائدة: 82؛ لِما قام في قلوبهم من بُغْضِ المسلمين، والحَنَق عليهم وحسدهم، والبغي عليهم، وأن النفس اليهودية قد مُلِئت من أمراض القلوب وخُبث النفوس ما سطَّره الله عز وجل في كتابه، ما يستوجب على المسلمين الحذر منهم، وعدم ائتمانهم في أمر دين أو دنيا، وقد أوضح الله عز وجل لنا في كتابه سبيل المغضوب عليهم؛ وهم اليهود، وأنبأنا من أخبارهم ” وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ” الأنعام: 55، وحقيقتهم أنهم ” وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ” الأعراف: 146، فاليهود منذ أن بُعث فيهم نبي الله ورسوله موسى عليه السلام وهم أهل كفر وعناد، وأهل شرك وشقاق، حاشا من آمن بموسى واتبع ما جاء به، ولكن جمهورهم آذَوا موسى أشد الأذى وأعظمه، ثم تُوفِّيَ موسى وأخوه هارون، وما زالت الأنبياء تَسُوسهم؛ ولكن كما قال الله تعالى ” أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ” البقرة: 87.
ثم بعث الله نبيه ورسوله عيسى ابن مريم، وبدلًا من أن يتبعوه ويطيعوا أمره، ويصححوا انحرافهم، ويكفوا عن كفرهم وخبثهم، أجمعوا على قتله؛ إذ بلغت بهم الوقاحة مبلغًا عظيمًا، وقالوا متحدين مستهزئين: ” وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ” النساء: 157، واختلقوا على عيسى وأمِّه الأكاذيبَ، ونعتوه بالسحر والجنون، وأحرقوا الإنجيل، وهدموا كنائس النصارى، حتى جاءتهم ضربة الرومان، وسلَّط الله تعالى عليهم النصارى، فشتتوا أمرهم فصاروا مطرودين منبوذين في الأرض، وسكن يثرب ثلاث قبائل؛ منهم: بنو نضير، وبنو قريظة، وبنو قينقاع، وكانوا ينتظرون نبي آخر الزمان الذين يعرفون اسمه ونعته ودعوته ” الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ” الأعراف: 157، ولكن بعدما ظهر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعرفوه، كفروا به “وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ” البقرة:89، فصاروا في المدينة مجاورين للنبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته، فأخذ عليهم العهود والمواثيق، ولكن ما منهم من أحد إلا ونقض العهد والميثاق، حتى كادوا يقتلون النبي صلى الله عليه وسلم. إن اليهود مهما عَلَتْ بهم الدنيا، فإنهم إلى ذِلَّة وهوان ” وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ” البقرة: 61. كتب الله عز وجل على اليهود التمزُّق في وجوه الأرض ” وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ” الأعراف: 168. أما دولتهم التي يزعُمون، فهي دولة خيال باتَ وشيكًا أن تزول.
من موقع الالوكة الإسلامي