الجزائر- وضع القيادي في حركة مجتمع السلم ورئيسها الأسبق أبو جرة سلطاني في تشريحه المقتضب لواقع الساحة السياسية المتأزم عشية رئاسيات 2019، أصبعه على “الجرح” مستعرضا أحد أهم مسببات
“الانسداد” الحاصل والمتمثل -بحسب تشخصيه- في أنه بعد الانفتاح السياسي والتعدّديّة الحزبيّة، لم تلد السّاحة الوطنيّة قائدا واحدا بعد “جيل المؤسسين”.
ويرى أبو جرة سلطاني في تشخصيه أنه “خلال ربع قرن من الانفتاح السياسي والتعدّديّة الحزبيّة، لم تلد السّاحة الوطنيّة قائدا واحدا، بقامة من مهّدوا لنا الطّريق للنضال السّلمي، بحسّ وطني مستوعب للتّحوّلات، وبحنكة سياسيّة بارعة، افتقدنا الكثير من مفرداتها اليوم بفقدان زعمائنا الكبار، على غرار الزّعيم آيت أحمد، ومعلّم الجيل عبد الحميد مهري، وحكيم التيار الوطني الإسلامي الشّيخ محفوظ نحناح” مضيفا أن هؤلاء “ورثتهم شخصيّات لامعة إعلاميّا، ولكنْ يفتقر الكثيرون منهم إلى الحكمة والحنكة والجرعة الوطنيّة اللاّزمة ليفهموا أنّ أحلامهم الكبيرة أكبر من إمكانياتهم، وهو ما أفقد النضال السّياسي الكثير من الحماسة الوطنيّة التي صنعها جيل التأسيس”.
وتابع يقول إن ” ثورة الاتصال جاءت لتقلّص الفارق بين القيادة والمناضلين، وتزيد في الكمّ النّظري للوعي الفردي، ما جعل قيادة أيّ تشكيلة سياسيّة عملا شاقّا ومهمّة تكاد تكون مستحيلة على فرد واحد، مهما كانت قدراته التنظيميّة وإمكانياته الخطابيّة وتقدير مناضليه لسبقه في العمل وصدقه في التوجّه وخدمته للمشروع الذي اجتمع عليه الحزب وكرّسه الخط السياسي المعتمد. لهذا السّبب وجدت القيادات الحزبيّة اليوم نفسها أمام واحد من ثلاثة خيارات: إماّ الاحتماء بالمؤسّسات، شورى وديمقراطيّة. وهو الخيار الأسلم، أو إدارة الحزب بعقلية الشّركات الرّبحيّة، وهي سياسة محكومة بمنطق مصلحي أغرى كثيرا من ذوي الطموحات المتضخّمة بهجران أحزابهم وامتهان التجوال السّياسي، أو الخلود في المنصب بشعار: ” إمارة ولو على حجارة”. وهي حال كثير من التشكيلات التي تتحدّث قيّاداتها كثيرا عن التداول وتستثني نفسها، إلى درجة أن تحوّلت أحزابها إلى مؤسسة ذات شخص واحد.
وذكر سلطاني في خاتمة منشوره أن الدّعوة تستطيع أن تنتشر في الناس دونما حاجة إلى دولة ولا إلى حزب سياسي؛ لأنها علاقة نخبة بمجتمع. بينما لا يمكن للأحزاب السياسيّة أن تعيش بلا دولة” مؤكدا قناعته ” إذا صارت الدّولة نفسها مهدّدة، فلا قيمة للنّضال الحزبي، لا باسم المعارضة ولا باسم الموالاة”