أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أسامة أفراح يؤكد لـ “الموعد اليومي”: المشهد الإعلامي في الجزائر كان يعيش قبل الحراك حالة من الفوضى

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أسامة أفراح يؤكد لـ “الموعد اليومي”: المشهد الإعلامي في الجزائر كان يعيش قبل الحراك حالة من الفوضى

قال الإعلامي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 أسامة أفراح لـ “الموعد اليومي”: “صحيح أن الأزمة التي تمر بها الجزائر هي أزمة متعددة الأوجه، ولكن الجانب الاتصالي فيها محوري وهو في قلب الانسداد الذي وصل إليه المشهد السياسي، إن هذه الأزمة الاتصالية ليست وليدة الصدفة اليوم لأن النظام السياسي ألف، للأسف، عدم التواصل مع القاعدة، وتجلى ذلك في غياب اتصال مؤسسي فعال، واتصال سياسي ناجح نلاحظ ضعفه ليس لدى النظام السياسي فقط، بل وحتى الأحزاب والشخصيات التي يفترض أنها تصنع الرأي العام.

بالمقابل، فإن نسبة الجزائريين الأقل من 30 سنة في جانفي 2018 بلغت 54 ٪ ( حسب الديوان الوطني للاحصاء) و45٪ للجزائريين الذين لا يتجاوز سنهم 25 سنة، هذا المجتمع الشاب يمتاز بعادات اتصالية مختلفة تساير، باختيارها أو رغما عنها، تطور تكنولوجيا الاتصال الحديث، مجتمع شاب دائم الإبحار على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتلقى المعلومة بشكل آني، مقابل نظام سياسي يعتمد شح المعلومة، وهنا حدث الشرخ في العملية الاتصالية بمعناها الواسع وليس المتداول والمحصور في وسائل الاعلام.

 

وبالحديث عن وسائل الإعلام، فإن هذه الأخيرة يفترض فيها أن تلعب دور الوسيط بين قمة الهرم (النظام السياسي) وقاعدته (الشعب) والقيام بهذا الدور يحتم على وسائل الاعلام التحلي بأقصى درجات الموضوعية واحترام أخلاقيات المهنة الصحفية.

ولكن، يضيف الإعلامي والأستاذ الجامعي أستاذ أفراح “إذا كان المشهد الإعلامي سواء المكتوب أو السمعي البصري يعيش قبل بداية الحراك حالة من الفوضى والاستقطاب، وضعفا في التكوين وغيابا للاستراتيجية الإعلامية الواضحة، فكيف لوسائل الاعلام المريضة أصلا أن تواكب حدثا محوريا ومنعرجا شديد الأهمية في تاريخ الجزائر المعاصر على غرار ما أصطلح على تسميته “الحراك الشعبي” موضوعيا ومنطقيا، هو أمر صعب التحقق حتى لا نقول إنه مستحيل. طبعا، نحن لا نتحدث هنا عن بعض المبادرات والاجتهادات الفردية لصحفيين ذوي ضمير وكفاءة ومهنية عالية. ما أحاول قوله في هذه السانحة، هو أن الحرية وحدها لا تكفي، ما لم تتوفر الأدوات والوسائل الكفيلة باستثمار هذه الحرية وتحويلها إلى قيمة مضافة في خدمة الحقيقة، إن ثلاثة عقود من التعددية الإعلامية في الجزائر لم تنتج إلى حد الآن، للأسف، تنظيما واضحا للمهنة الصحفية ولا نقابة للصحفيين ولا ميثاقا لأخلاقيات المهنة يلقى الاجماع ويحتكم إليه حين الضرورة، بل إن بعض المحسوبين على الصحافة استغلوا هذا الفراغ وصاروا يصنعون جزء من الرأي العام، ولما كانت الأزمات عاملا مضخما للتناقضات ومواطن الضعف، فإن تناقضات الاعلام الجزائري طفت إلى السطح أكثر في الأشهر القليلة الماضية، وتحولت العديد من وسائل الاتصال الجماهيري إلى أدوات للدعاية بدل الاعلام، مما تمتاز به الأزمات تسارع الأحداث والمعلومات، ويساهم في عملية التسارع هذه وسائط التواصل الاجتماعي (أو ما بات يعرف بالإعلام الجديد).

 

 

ولكن هذه الأخيرة لا يمكنها أن تنوب عن الاعلام التقليدي لأنها تربة خصبة للمعلومة المغرضة، ناهيك عن غياب المصدر في كثير من الأحيان، كما أنها مفتوحة على الجميع ولا تعترف بالحدود الجغرافية، ولذلك مساوئه وإيجابياته. إن المسؤولية الأخلاقية لوسائل الاعلام تفرض عليها الابتعاد عن الشعبوية والتخندق وممارسة البروباغاندا وتجديد الخطاب الإعلامي بالاستعانة بخبراء ومختصين أكفاء تعج بهم الجزائر، والعمل على إرساء ثقافة سياسية وممارسة ديموقراطية حقيقية، وقبل هذا وذاك، على الاعلام الجزائري إدراك المهمة الثقيلة الملقاة على عاتقه، في هذا الظرف الحساس من تاريخ الوطن.

كلمته: حورية/ ق