أسباب الهداية

  أسباب الهداية

إن أعظم ما امتن الله به علينا هو نعمة الهداية للتوحيد كما قال سبحانه: ” يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ” الحجرات: 17. وافترض سبحانه على عباده أن يتضرعوا إليه بطلب الهداية في اليوم مرات ومرات وذلك في كل ركعة من ركعات الصلاة في قراءة الفاتحة حيث نقرأ قوله تعالى: ” اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ” الفاتحة: 6. إن الهداية نعمة من الله تعالى يرزقها من شاء من عباده ولها أسباب من أخذ بها رزقه الله الهداية ووفقه إليها ومن أسباب الهداية أيها الكرام الأجلاء:

أولاً: التوحيد: فالتوحيد من أعظم أسباب الهداية فمن وحد الله هدى، فإن من عرف الله تعالى بأسمائه وصفاته أحبه ورجاه وخافه واتقاه وعمل على عبادته وتعظيمه وخشيته وهذه هي الهداية قال سبحانه: “وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ” ومن هدى الله قلبه سجد سجدته بين يديه إلى يوم يلقاه لا ينفك ينتقل من طاعة إلى طاعة لما ذاق من حلاوة السجود بين يديه عز وجل وصدق من قال “إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة” يعني القرب من الله وتذوق نعيم وحلاوة عبادته فالتوحيد أعظم أسباب الهداية.

ثانياً: الاعتصام بالله ودعاؤه ورجاؤه على الدوام، ولذلك دعانا الله إلى سؤاله وحثنا على التضرع إليه أن يهدينا إلى الصراط المستقيم كما ندعو في الفاتحة قائلين ” اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ” الفاتحة: 6، 7. وقال تعالى ” وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ” آل عمران: 101.

ثالثاً: المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة: فمن حافظ على الصلوات في المسجد في الجماعة هدى الله قلبه وثبته وأوصله إلى حيث يريد من مرضاته روى مسلم من قول ابن مسعود رضي الله عنه: “من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف” مسلم. فمن حافظ على الصلوات رزقه الله الهداية.

رابعاً: الصحبة الصالحة: أن تصحب رجلاً يذكرك بالله إذا نسيت ويعينك على ذكر الله إذا ذكرته، وقد ذكر الله تعالى ما يبلغ أثرُ الصاحب في صاحبه فقال ” وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ” الفرقان: 27 – 29. ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقيّ” فالصحبة الصالحة من أعظم أسباب الهداية.

خامسًا: ومن أعظم أسباب الهداية كذلك، مجاهدة النفس لتتعلم عن الله ورسوله، ومجاهدتها لتعمل بهذا العلم، ومجاهدتها على الدعوة إليه بالحق، ومجاهدتها على الصبر والأذى في سبيل الدعوة إليه، وقد قال عز وجل ” وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ”.

من موقع الالوكة الإسلامي