تصاعدت أزمة فيلم “ريش” إخراج عمر الزهيري، بعد عرضه الأول في مهرجان الجونة السينمائي، ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، حيث لم يتوقف الخلاف في الرأي عند مدى الجودة والمتعة البصرية التي يقدمها المخرج، ولكنه تحول إلى انقسام وتقييم سياسي حول حقيقة الصورة التي تظهر في أحداث الفيلم، خاصة في ظل الجهود التي تبذلها الدولة لتغيير حياة المهمشين.
الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى في مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي، وكرمته وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم لتحقيق هذا الإنجاز للسينما المصرية، بدأت أزمته في الجونة بخروج عدد من الفنانين من قاعة العرض مساء الأحد الماضي، بعضهم لمجرد عدم الإعجاب بالتجربة فنيا، والبعض الآخر ومنهم شريف منير لموقف سياسي من الفيلم بشكل عام، حيث كان الاتهام مباشرا بأنه يسيئ لسمعة مصر، وهو ما خلق حالة من الجدل، تفاعلت معها وسائل الإعلام المختلفة، كما استغلتها مواقع التواصل الاجتماعي، حتى تصدر تريند تويتر هاشتاغ بعنوان “أوقفوا مهرجان الجونة”، كما تصدر اسم الفيلم أيضا نتائج البحث عبر غوغل.
من جانبه، أصدر مهرجان الجونة السينمائي بيانا رسميا، لتوضيح موقفه من أزمة فيلم “ريش”، أكد خلاله على أن اختيار الفيلم “جاء متسقا مع معايير اختيار الأفلام في المهرجان، وذلك بناء على ما حققه من نجاحات في بعض المحافل الدولية”، مشددا على أن فريق العمل في المهرجان يقوم باختيار الأفلام بناء على جودتها الفنية والسينمائية فقط بمعايير المهرجانات السينمائية العالمية.
وأضاف المهرجان، أن اختيار “ريش” للعرض في مهرجان الجونة هو جزء من الاهتمام بالشأن المصري، في المجالين الفني والثقافي عالميا.
وفي تصريحات تلفزيونية، قال الفنان شريف منير، الذى يتبنى وجهة النظر المعارضة للفيلم، إنه ضد منع الفيلم تجاريا، ولكن غيرته على مصر هي التي حركته، مشيرا إلى أننا في جمهورية جديدة، ومبادرات حياة كريمة، وتكافل وكرامة، تحارب بها الدولة الفقر، وبالتالي الصورة التي كانت تظهر في فيلم مثل “حين ميسرة”، لابد أن تُبعد العين عنها.
وأوضح “منير” أنه انسحب من عرض “ريش” لأنه يصدّر صورة سلبية عن مصر، مشيرا إلى أن الأسرة التي ظهرت في الأحداث تعيش في عذاب غير طبيعي وقذارة رهيبة، أسوأ من الحياة التي كانت في العشوائيات قبل أن تتدخل الدولة، للقضاء عليها، وهذا يتسبب في شعور المشاهد بـ “الخنقة والتعب”.
وأضاف “منير” أنه ليس معنى حصول الفيلم على جائزة من مهرجان كان، أن يتم الصمت على الصورة غير الحقيقية التي يقدمها، مؤكدا أنه شخصيا لا يعرف ماذا أعجب لجنة التحكيم في الفيلم لتمنحه الجائزة..
من جانبه، رفض منتج الفيلم محمد حفظي، تحميله أي بعد سياسي، مؤكدا أن المخرج عمر الزهيري تناول قضية إنسانية، لسيدة تعاني من القهر، وبالتالي ليس من الطبيعي أن تكون مكافأته الجلوس في غرفته قلقا ومكتئبا وكأنه ارتكب جريمة، بدلا من تكريمه عن الإنجاز الذي حققه، ليس فقط في مهرجان كان، حتى لا يقال بأنها جائزة مسيسة من الغرب، فقد حصل بالتوازي مع هذه الأزمة المفتعلة على جائزة كبرى من مهرجان بالصين.
وأضاف “حفظي” أنه لا يتوقع مواجهة الفيلم لأي مشاكل عند طرحه تجاريا في ديسمبر المقبل، مشيرا إلى أنه لم تتم صناعته خارج منظومة الدولة، وحصل على الموافقات اللازمة، كما أجازته “الرقابة” قبل مشاركته في المهرجانات، فضلا عن تكريمه من الدولة ممثلة في وزيرة الثقافة.