سماع اسم أزفون وحده يجعل الشوق يغمر كل راغب في التمتع بأيام هادئة، وباحث عن مدينة عتيقة ساحرة لقضاء أيام من الراحة والاستجمام.
فمدينة أزفون هي واحدة من اثنتين تشكلان قطبي السياحة الساحلية في مدينة تيزي وزو، حيث تعيش في سبات طويل لتستيقظ منه مع اقتراب موسم الاصطياف، قبل أن يعود الهدوء والسكينة إليها مع حلول الخريف وتتابع الفصول قبل حلول صيف جديد، فأزفون المدينة والريف تستيقظ من سباتها مع حلول الصيف، ويجد ساكنوها مع قدوم هذا الفصل الفرصة للتنفيس عن الروح والجيب، إذ تزدهر التجارة بمختلف أشكالها، الشرعية والموازية، وتعرف حركية كبيرة أبطالها السواح والعائلات الوافدة بكثرة سواء للتواصل مع العائلة الكبرى أو للتخييم.
أسماء خالدة وبلدية هادئة

هي المدينة التي أنجبت العديد من الأسماء الفنية والأدبية التي رفعت اسم الجزائر عاليا من بينها طاهر جاووت ومحمد أرزقي فراد، وفي الفن التشكيلي محمد بلغانم، محمد اسياخم، وفي المسرح الإخوة حلمي وأحمد عياد (رويشد)، وفي السينما مخرج الدار الكبيرة مصطفى بديع وفي الطرب الشعبي الشيخ محمد العنقى، عبد الرحمان عزيز وآخرين.
وهي البلدية الهادئة، الجميلة، وفاتنة البحر الأبيض، هي أزفون الواقعة على بعد 30 كلم شرقا من مدينة تيزي وزو، وتمتد على شريط ساحلي يقدر بـ16 كلم وتتربع على مساحة 1266 هكتارا يقطنها حوالي 30 ألف مواطن موزعين على 52 قرية، حيث يغلب على هذه البلدة الصغيرة الطابع الجبلي الذي يطل على البحر، مما جعلها منطقة سياحية بامتياز.
أزفون.. مدينة ذاع صيتها ليتجاوز حدود الوطن

هي مدينة أقل ما يقل عنها أنها جوهرة ولاية تيزي وزو، وهي واحدة من أجمل الشرفات المطلة على البحر الأبيض المتوسط، هي البلدية الهادئة والجميلة أزفون التي تقع على بعد 30 كلم شرقا من مدينة تيزي وزو، وتمتد على شريط ساحلي يقدر بـ16 كلم وتتربع على مساحة 1266 هكتار يقطنها حوالي 30 ألف مواطنا موزعين على 52 قرية، حيث يغلب على هذه البلدة الصغيرة الطابع الجبلي الذي يطل على البحر، مما جعلها منطقة سياحية بامتياز، حيث تعانق جبالها تلالها المترامية في أحضان البحر، ترسم مناظر خلابة تترجم عظمة الخالق وتمنح زائرها الشعور بالسكينة والطمأنينة وتبعد عنه صخب وضجيج الحياة الحضرية، لتبقى الوجهة المفضلة للعديد من العائلات الجزائرية خاصة من المنطقة وحتى المغتربة منها، رغم كل ما يمكن الوقوف عنده من عجز في المرافق السياحية وفوضى في العمران ورغم ما تعانيه من نقص فادح في الهياكل القاعدية والمرافق السياحية مثل الفنادق المطاعم ووسائل الترفيه التي تمكن العائلات من قضاء عطلة مريحة في موسم الإصطياف خاصة وأن أزفون معروفة بموقعها الهادئ البعيد عن ضجيج المدينة.
دعم المنطقة بمرافق إيواء لإنعاش السياحة وجلب السواح

ترتكز دائرة أزفون على منطقتين للتوسع السياحي أولها موجودة على مستوى المدينة والثانية في تازاغرث، فيما يوجد منطقة أخرى قيد الدراسة، وهي الواقعة ببلدية آيت شافع المعروفة بشواطئها الذهبية.
أما بالنسبة لمرافق الإيواء، فإن المنطقة لا تتوفر إلا على خمسة فنادق تابعة للخواص تتراوح بين ثلاث وأربع نجوم ودار شباب تتوفر على 50 سريرا، فيما تدعمت المنطقة بمركز إيواء جديد يتسع لـ 50 سريرا.
أزفون تستقبل زوارها

شواطئ أزفون التي تمتد على شريط ساحلي هام يبلغ طوله 16 كيلومترا، تنادي الأقلام السياحية لزيارتها والوقوف عند رمالها الذهبية والجلوس عليها للبحث عن السكينة والطمأنينة، في حدود السادسة مساءا مشيا على الأقدام نتوجه إلى شاطئ المدينة لنستمتع بصوت أمواجه وبنسمات عطر مياهه قبل أن ندخل العاصمة ونعود إلى أجواء العمل.
وأزفون التي صنفت ضمن أجمل المناطق السياحية ببلاد القبائل هي اليوم تفتح ذراعيها لاستقبال ضيوفها من عشاق الطبيعة والشواطئ العذراء، لتكشف عن بريقها وحيويتها من خلال سحر رمالها وشموخ جبالها التي تنسج فسيفساء طبيعية تسلب الألباب.
7شواطئ مسموحة

وتستقبل دائرة أزفون كل موسم المئات من المصطافين الذين يأتون من كل حدب وصوب للاستمتاع بزرقة البحر ونعومة الرمال على غرار “الشاطئ المركزي” وشاطئ “الخروب”، وعلى هامش الزيارة كشف لنا السيد بوحيط، أن المدينة تستعد لاستقبال أزيد من 1.7 مليون مصطاف، علاوة على أن المنطقة أصبحت تشكل متنفسا للعائلات الجزائرية التي تقصد المكان هروبا من ضوضاء المدينة وصخبها، ففي الوقت الذي يحبذ فيه الصغار اللعب بالرمال والاستمتاع بوقتهم، يستغل فيه الآباء الفرصة للراحة والاسترخاء تحت المظلات الشمسية التي أعطت للشواطئ ديكورا طبيعيا جميلا وصورة سياحية خلابة تريح الأعصاب وتعوض عن يوم صعب ومتعب، أما الشباب فيفضلون السباحة تارة والجلوس عند الصخور الشاطئية تارة أخرى مستمتعين بمنظر الأمواج الزرقاء التي زادت الشاطئ رونقا وبهاء، ويلتقطون على جنباتها بعض الصور الفوتوغرافية حتى تبقى كذكريات حية على تلك اللحظات الفردوسية التي يعيشونها طيلة تواجدهم بهذه الشواطئ التي تعد بالفعل لوحة زيتية طبيعية خلابة.
وتختلف شواطئ أزفون باختلاف قاصديها، فهناك تلك المعروفة والمفتوحة للسباحة والمتعارف عليها بين العامة، لكن هناك أيضا الشواطئ التي يقصدها سكان القرى والمداشر المحاذية لشواطئ متوارية عن الأنظار، وتكون في أغلب الأحيان شواطئ صخرية بعيدة عن أية مراقبة أو حراسة، ويبرر بعض الشباب ميلهم نحو هذا النوع من الشواطئ برغبتهم في الحصول على بعض الخصوصية وتجنب الفوضى والازدحام الذي تعرفه بعض الشواطئ، علاوة على قربها الكبير من منازلهم.
أزفون.. تاريخ يمتد إلى عهد الرومان

يوجد في أزفون، الكثير من الكهوف والقبور الحجرية المتواجدة على بعد البعض من الكيلومترات من قلب المدينة، الكهوف التي غاصت بنا في عمق التاريخ والتي تدل على الوجود المبكر للإنسان في هذه المناطق بل حتى المنطقة تتوفر على منحوتات وحمامات رومانية تعود الى الآلاف من السنين، ولاشك أن المعالم التاريخية بمنطقة “أزفون” تشكل محل اهتمام العديد من السياح الأجانب والباحثين الذين انبهروا بعراقة الآثار وتاريخها على رأسها الممرات المبلطة لـ”آيت رهونة” التي تعتبر من بين الآثار النادرة عالميا. وهي بمثابة صخور تأبينية مشكلة من رواق مبلط موجه لدفن الموتى يعلوه نصب كبير مسطح من الحجارة، إضافة إلى آثار”روزازوس” القديمة المتمثلة في خزانات الماء والمقبرة والمعصرة القديمة التي ظلت قائمة بقرية “أزفون” إلى يومنا هذا، إضافة إلى معالم تاريخية أخرى تعود للفترة البزنطية والوندالية والرومانية. ويمتد تاريخ المدينة الرومانية العريقة بدون شك، إلى عهد الرمان الذين أطلقوا عليها عدة أسماء كإسم “رسوس” التي تعني رأس الرياح وهذا نظرا لموقع المدينة المفتوح على مختلف التيارات الهوائية، إسم “افحريين” لقربها من البحر، فيما أطلق عليها البعض الآخر إسم “ازر خفاون” وتعني حسب التراث المحلي للبلدة زور وخفف، خوفا من إزعاج نوم أولياء الله الصالحين وتجنبا للعنتهم، حيث يعتقد أن مدينة أزفون مهدا للكثير من رجال الدين والمصلحين الذين كان لهم باع طويل في الحفاظ على إرث الجزائر الديني والحضاري، وعرفت إبان الاستعمار الفرنسي بـ”قودون بور” نسبة إلى القائد العسكري قودون الذي حولها عام 1881 إلى بلدية إدارية مختلطة، وهي الآن تعرف بأزفون التي اختلفت التفسيرات في إعطاء معنى لها، فهناك من يقول أنها تعني الرياح القوية، فيما أرجع بعض الباحثين أصل التسمية إلى نوع من السمك يسمى “الكركز” الذي يقال أن شواطئ البلدة اشتهرت به فحملت إسمه. وثراء وجمال أزفون لا يعود فقط لإرثها الطبيعي وموقعها الجغرافي لكن أيضا لمخزونها التاريخي الزاخر بشواهد تعود إلى العهد البزنطي، الوندالي والروماني.
الميناء.. تحفة سياحية وفضاء آخر للترفيه والاستكشاف

وميناء أزفون يدفع بالزائر لضرورة مشاهدته والتمتع بجمال رصيفه وكذا منارته العالية، ناهيك عن منظر الصيادين وهم عائدين فرحين بما حملته شباكهم من صيد ثمين، وعلاوة على ذلك فإن ميناء أزفون يتحول ليلا إلى عالم من المتعة والفرح من خلال عدد الحفلات الموسيقية والغنائية التي يحتضنها المكان كل ليلة بحضور عدد كبير من العائلات والسياح الأجانب الذين لا يفوتون فرصة الاستمتاع بهذه الأجواء مما يخلق حركة واسعة في الميناء الذي صنف كتحفة سياحية هامة بالمنطقة، وليس هذا فحسب بل إن ميناء أزفون، يتحول ليلا إلى عالم من المتعة والفرح من خلال سهرات فنية وموسيقية وغنائية يحتضنها المكان كل ليلة لبث البهجة في قلوب الزائرين من العائلات والسياح الأجانب الذين لا يفوتون فرصة الاستمتاع بوقتهم تحت نور القمر وكسر الروتين اليومي الذي يعيشونه في ظل موجة الحر الهائلة.
“تقرين” وقرى أخرى تستعيد أهلها بعد عشرات السنين من الهجرة

عادت أزفون للواجهة خاصة في السنوات الأخيرة بعد عودة الاستقرار التدريجي للمنطقة التي عانت طويلا من الإرهاب، حيث عادت العائلات إلى قراهم وبيتوهم التي ولدوا وترعرعو فيها، بعد سنوات من الهجرة بسبب الإرهاب الذي أخرجهم من بيتوهم، وها هم الآن يرجعون إليها، حيث لم يبقى منها إلا الجدران وأدوات قديمة. وبدأت أغلبية العائلات في العودة إلى قراهم بعد أن نزعت الدولة الخوف منهم ومن القدوم خطوة واحدة نحو بيوتهم التي كان يسكنها منذ سنوات الرعب والخوف، كما عادت العائلات إلى الاصطياف بهذه المناطق وقضاء أمتع الأوقات على شواطئها وهذا بفضل جهود الدولة الجزائرية، حسب ما أكدته مومن نصيرة إحدى بنات المنطقة. و”بتقرين” إحدى القرى التي عاشت قهر الإرهاب وغادرها أهلها، والتي تستعيد اليوم سكانها، تكون آخر محطة نضع فيها أقدمنا قبل أن نتوجه إلى الجزائر العاصمة هي قرية “تقرين ، حيث تخبىء للسيدة نصيرة ذكريات سنين خلت، والتي تعود إليها بعد أن هجرتها هي وعائلتها منذ سنوات عدة، آملتا أن يعود جيمع سكان أزفون الذي زحفوا إلى المدينة أو خارج ولاية تيزي وزو إلى قراهم وأن تعود تلك الأيام التي كان فيها سكان المنطقة يعيشون السلام في الجبال أو على ضفاف الشواطئ.
لمياء بن دعاس

