أرقام مرعبة عن تنامي الظاهرة… تحقيق وطني حول ظاهرة التدخين لدى الأطفال ابتداء من شهر ديسمبر القادم

أرقام مرعبة عن تنامي الظاهرة… تحقيق وطني حول ظاهرة التدخين لدى الأطفال ابتداء من شهر ديسمبر القادم

 

تعتزم وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات إطلاق تحقيق وطني حول ظاهرة التدخين لدى الأطفال الأقل من 15 سنة، حسب ما أفاد به مدير مركزي بذات الوزارة.

ويشمل التحقيق المندرج في إطار التحضيرات لإعداد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التدخين (2020 – 2025) الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و15 سنة، سيما منهم المتمدرسين، حسب ما قاله لـ “وأج”، يوسف طرفاني، مدير الوقاية وترقية الصحة بذات الوزارة على هامش أشغال ملتقى علمي – تكويني حول التبغ ومكافحة التدخين المنظم بتيبازة بمناسبة اليوم الوطني لمكافحة التدخين.

وبعدما أكد أن الوضعية “خطيرة ومقلقة”، ذكر ممثل وزارة الصحة، المنظمة للحدث، بآخر تحقيق تم إعداده سنة 2013، حيث أفرزت النتائج عن استهلاك ما يمثل 9 بالمائة من إجمالي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و 15 سنة لمادة التبغ تم على أساسها إعداد إستراتيجية مكافحة التدخين 2015 – 2019.

وبخصوص الإستراتيجية المقبلة (2020-2025) سيتم إشراك عديد القطاعات سيما منها التربية الوطنية والداخلية وكذا قطاع التضامن الوطني على أن تنتهج وسائل و أدوات عمل للتقليص من انتشار الظاهرة لدى الأطفال.

وعن تقييم وزارة القطاع لمدى نجاعة الاستراتيجية السابقة، قال ممثل القطاع إنهم بصدد تقييم الحصيلة النهائية التي على ضوئها يتم إعداد الاستراتيجية الجديدة.

وفيما يتعلق بانتشار الظاهرة لدى الفئات العمرية البالغة، جدد السيد طرفاني التذكير بنتائج آخر تحقيق حول الموضوع تم إنجازه سنة 2017 حول التدخين لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 64 سنة، حيث سجل الباحثون أن 16 بالمائة من تلك الفئات يستهلكون التبغ.

وبعد أن أكد أن مكافحة التدخين تعد مسؤولية الجميع بدء بالمحيط العائلي، كشف الدكتور طرفاني عن اعتماد وسائل عمل تحسيسية وتوعوية ساهمت في التقليص من الظاهرة على غرار استخدام ميثاق منع التدخين بالمؤسسات الاستشفائية أين تم تسجيل انخراط 193 مؤسسة صحية في العملية، مبرزا أن “النتائج مشجعة سيما و أنه يسجل عزوف متواصل من قبل الأطباء وشبه الطبيين على التدخين”.

وبخصوص مخاطر التدخين، كشف المسؤول عن تسجيل ما بين 9000 و 10000 حالة اصابة بسرطان الرئة سنويا، 90 بالمائة منهم يستهلكون التبغ.

 

المدارس.. الوسط الأكثر انتشارا للظاهرة

يشهد الوسط المدرسي بالجزائر انتشارا واسعا لظاهرة التدخين بين الطلاب، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن الأرقام تجاوزت مليوني فتى مدخن، ما دفع بمؤسسات صحة وهيئات حقوق إلى دق ناقوس الخطر والمطالبة بالتدخل العاجل لاحتواء الظاهرة.

ووفق دراسة مشتركة أجرتها مؤخرا كل من الهيئة الوطنية لترقية وحماية حقوق الطفل، والهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، يتجاوز عدد من هم في مرحلة الثانوي وما دونها من المدخنين بالجزائر مليونين، 15 % منهم يدرسون في المدارس الإعدادية، و25 % هم من تلاميذ المرحلة الثانوية، في حين تبلغ نسبة المدخنين بين المتسربين من المدارس أكثر من 50 % من إجمالي المتسربين.

وتصف الهيئتان هذه الأرقام بالمرعبة، وعبرتا في تقريرهما عن “قلقها الشديد من تنامي ظاهرة تدخين الأطفال”، وطالبت بضرورة التحرك العاجل لاحتوائها، وحمّلت الدراسة المسؤولية الكبرى للآباء، مستندة في ذلك إلى كشف مسح ميداني أكد أن 60 % من الحالات المسجلة والداهم من المدخنين.

وتشير إحصاءات لجنة مكافحة التدخين للمؤسسات الاستشفائية المعلن عنها خلال لقاء توعية خاص بأطفال المدارس نظم بمحافظة وهران في ماي الماضي، إلى أن الأمراض المرتبطة بالتدخين على غرار الجلطات الدماغية ومختلف أنواع السرطان، إلى جانب الانسداد الرئوي المزمن يتسبب في وفاة أكثر من 15 ألف شخص بالجزائر سنويا.

وكشف رئيس مصلحة طب المعدة والأمعاء حمزة بوعسرية في مداخلته في هذا اليوم التوعوي أن نحو 20 % من المدخنين الشباب تم إحصاؤهم في الوسط المدرسي.

 

نسبة المدخنين تبلغ أكثر من 50 % من إجمالي المتسربين من المدارس

وسجل عضو المنظمة الوطنية لآباء التلاميذ سمير القصوري ما يراها أسبابا مباشرة في استفحال الظاهرة، وشدد على أن المسؤولية الكبرى تقع على العائلة.

ويقول القصوري في حديث لـ “الجزيرة. نت” إن بعض العائلات تتساهل في ممارسة بعض العادات السيئة داخل المنزل، التي تؤثر على خلق الطفل وتربيته، ومن ذلك التدخين، وإرسال الوالد لابنه لاقتناء السجائر، وهو بذلك يربيه بشكل غير مباشر على ممارسة التدخين.

واستنكر القصوري غياب قوانين رادعة تمنع بيع السجائر أمام المدارس، وفي هذا الجانب اتهم بعض المدرسين بالمساهمة في انتشار الظاهرة بالتدخين داخل فصول الدراسة وأمام التلاميذ.

كما لاحظ القصوري غيابا تاما لشريحة الأطفال في الإعلانات الخاصة بمكافحة التدخين، وأوضح ذلك بقوله إن “الإعلانات المنوهة بمخاطر التدخين تستهدف فئة البالغين فقط وتتجاهل فئة الأطفال، رغم أن هذه المرحلة العمرية هي التي يخطو فيها الإنسان أول خطواته في عالم الإدمان على التدخين، لكننا نلاحظ تجاهلا تاما لهذا الموضوع”.

 

إدمان الأطفال على التدخين عادة يكون نتيجة مباشرة لنمط معاملة الوالدين

وعن الآثار النفسية للتدخين على الطفل، أوضح الخبير في علم النفس التربوي الأستاذ بجامعة المسيلة سعد الحاج بن جخدل أن تدخين الأطفال بوصفه أهم أشكال الإدمان عند هذه الفئة العمرية يؤثر على مرونتهم النفسية ما يجعلهم عرضة للإصابة بالمخاوف النفسية والقلق بكل أشكاله، بما في ذلك قلق الامتحان.

وقال بن جخدل إن هذا يزيد من احتمال انخفاض مستوى تفوقهم المدرسي، وارتفاع عدوانيتهم تجاه أقرانهم وحتى مدرسيهم.

وأوضح أن إدمان الأطفال على التدخين عادة يكون نتيجة مباشرة لنمط معاملة الوالدين، حيث يرتبط أكثر بنمط المعاملة المتصلب، على اعتبار أن التدخين في هذه الحالة يشكل واحدة من استراتيجيات المواجهة النفسية السلبية التي يعتمدها الجهاز النفسي للطفل لمواجهة ضغوط المعاملة السيئة من طرف الأهل.

ل. ب