ارتفعت معدلات الطلاق في الجزائر خلال عام 2017 مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما اعتبره مسؤولون وباحثون مؤشرا على “تحول اجتماعي كبير في طبيعة الأسرة الجزائرية”.
وكشف تقرير قدمه وزير العدل، أن المحاكم الجزائرية سجلت أكثر من 68 ألف حالة طلاق خلال سنة 2017، مقارنة بنحو 349 ألف زواج، لتمثل حالات الطلاق نسبة 20 في المائة من مجموع حالات الزواج المسجلة.
حذر بوعبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، من التزايد المستمر لظاهرة الطلاق والخلع في الجزائر، مطالبا بتقييدها “أكثر فأكثر” وجعلها لا تقتصر فقط على جلسة أو جلستين للصلح.
وأوضح المتحدث بأن هذه الظاهرة “في تزايد مستمر”، كما دعا إلى البحث عن أنجع السبل التي من شأنها جعل الرابطة الزوجية تستمر”.
وذكر في ذات السياق أن هذه المسألة “تتطلب عقد جلسات صلح بين الزوجين على مستوى المحكمة لإعادة الأمور إلى طبيعتها”، مضيفا أن “المسؤولية نتقاسمها جميعا وينبغي على الجميع إيجاد حلول لهذه الظاهرة”.
دعوات لدراسة مسألتي الطلاق والخلع
من جهته، دعا الدكتور سعيد بويزري إلى دراسة مسألة الطلاق والخلع من جوانبها المختلفة، التشريعية والقانونية والاجتماعية، بغية “إيجاد الآليات والوسائل التي تسمح بالمحافظة على أركان الأسرة المبنية على المودة والرحمة والاستقرار”، مشيدا في نفس الوقت بـ “الجهود والوساطات التي يبذلها الأئمة في الصلح بين الزوجين”.
كما اعتبر بويزري أسباب ارتفاع ظاهرة الطلاق والخلع التي وصلت إلى 68 ألف حالة خلال سنة 2017، إلى “إطلاق الفتاوى الخاطئة والتطبيق السيئ للنص القرآني”.

الرقم مرتفع عندنا ومنخفض مقارنة بباقي البلدان العربية
من جهته، أكد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح أن أكثر من 68 ألف حالة طلاق سجلت خلال سنة 2017 من مجموع 349.544 حالة زواج أي ما يمثل 19,54 بالمائة، معتبرا أن هذا الرقم “منخفض” مقارنة مع الدول العربية والدول الأوربية، كما أشار الوزير إلى أن أنواع الطلاق تتعلق بالطلاق بالتراضي والطلاق المطبق من طرف القاضي والطلاق بالإرادة المنفردة.
الحضانة.. إشكالية حاضرة بقوة في أروقة المحاكم
أما فيما يتعلق بمسألة الحضانة، اعتبر الوزير أن زواج المرأة المطلقة من غير قريب محرم “لا يعيق الحق في ممارستها للحضانة لأبنائها ما دام لا يتعارض مع المبدأ القانوني المتعلق بالحفاظ على المصلحة الفضلى للطفل المحضون”.
وفي هذا الصدد، أفاد أن المشرع لم يقر إسقاط الحضانة “بصفة آلية” عند زواج الأم الحاضنة بغير قريب، مشيرا إلى أن “إسقاط الحضانة تقرره المحكمة كما يخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي يراعي مصلحة الطفل المحضون والشروط التي ينص عليها قانون الأسرة والتي تختلف من حالة إلى أخرى”.
كما أكد السيد لوح أنه في الفترة الممتدة من 2012 إلى 2017 تم تسجيل 7462 قضية تتعلق بإسقاط الحضانة من الأم المطلقة لدى زواجها من غير قريب محرم، أي بمعدل سنوي قدره 1244 قضية فصلت فيها المحاكم والمجالس القضائية “بأحكام وقرارات نهائية”، حيث سقطت الحضانة بسبب اعادة زواج الأم الحاضنة بغير قريب محرم في 4386 قضية بمعدل سنوي يبلغ 731 قضية سنويا، وهو ما يعادل 58,78 بالمائة.
كما تم رفض اسقاط الحضانة عنها رغم عدم اعادة زواجها -يضيف الوزير- في 3076 قضية أي بمعدل سنوي قدره 513 قضية.
7 ملايير و 100 مليون سنتيم دفعها صندوق النفقة خلال 2017
وأكد الوزير في سياق ذي صلة بأن صندوق النفقة الذي جاء تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كحل للتكفل بالمشاكل التي تواجهها الأم الحاضنة لوصول النفقة إليها في وقتها في حالة عدم تسديدها من طرف المدين بها، سمح منذ انشائه بدفع المبالغ المالية المستحقة لـ 913 امرأة حاضنة ولفائدة 1867 طفلا محضونا تنفيذا للأوامر الولائية الصادرة والبالغ عددها 1086 أمر ولائي متعلق بالنفقة.
أما عن المبالغ التي دفعتها الخزينة العمومية للحاضنات فتقدر -حسب الوزير- بأكثر من مليار و700 مليون سنتيم خلال سنة 2016 وقد تضاعف العدد خلال سنة 2017 ليصل إلى ما يفوق 7 ملايير و 100 مليون سنتيم بالنسبة للتكفل بالنفقة عندما لا تسدد من طرف المدين.
مسابقة لأحسن عائلة لمواجهة الطلاق وتفكك الأسرة
كشفت رئيسة جمعية حورية للمرأة الجزائرية السيدة عتيقة حريشان عن إطلاق أول حملة وطنية للحد من ظاهرة تفكك الأسرة، حيث سيعمل المختصون على نشر الوعي وسط الأسرة الجزائرية وتوعية المرأة، وكذا تحسيسهم بأهمية الرابط المقدس الذي يجمعهم.
وأضافت المتحدثة في حديث للصحافة أن جمعيتها اختارت شعار “نحو أسرة ناجحة” لحملتها، والتي تطمح من خلالها إلى محاربة ظاهرة الطلاق بكل أشكالها والدفاع عن الأسرة الجزائرية وقيمها ومقوماتها، وكذا تدريب وتكوين مرشدين ومرشدات أسريين، ونشر ثقافة المرافق الأسري للتقليل من ظاهرة فك الرابطة الزوجية، والمساهمة في تأهيل وتشجيع المطلقات لفتح مشاريع تنموية أو مؤسسات صغيرة ومتوسطة وإعادة إدماجهن في المجتمع.
واختارت جمعية حورية حسب عتيقة حريشان تنظيم يوم تحسيسي في مختلف الولايات ينشطه مختصون وأساتذة وقضاة لبحث أسباب انتشار التفكك الأسري والحد من الطلاق، وتستمر الحملة إلى غاية يوم غد، وتهدف للتكفل النفسي بضحايا فك الروابط الزوجية من طلاق وخلع وتطليق، والدفع بالإعلام لفتح نقاش وطني حول الظاهرة وآلياتها وأبعادها وتوعية المجتمع بخطر الطلاق، بالإضافة إلى إقامة ندوة حقوقية تفتح الموضوع وتحاول إيجاد الحلول البديلة، وأيضا تشجيع الناس على الزواج للفوائد الصحية والنفسية والاجتماعية والتربوية والدينية والاقتصادية وإقناعهم بأن التدرب والتأهيل قبل الزواج يجعل الأسرة في مأمن من الطلاق ومقدماته، مع وجود مرافق بعد الزواج وهذا بتفعيل دور المرشد الأسري، وزرع الأمل لدى الأسر التي تعاني حالات التفكك بأن هناك حلولا ولا داعي للصبر على العذاب حفاظا على الحالة النفسية للأسرة وبالتالي استقرار المجتمع.
وسطرت الجمعية برنامجا ينطلق بحملة إلكترونية تبدأ من 7 إلى 13 مارس 2018، بإطلاق هاشتاغ “أسرة ناجحة” تشارك فيه شخصيات وطنية مهمة وملهمة، بالتزامن مع عقد ندوات صحفية لمناقشة ظاهرة الطلاق في الجزائر وسبل معالجتها والحد من انعكاساتها في المجتمع، إضافة لندوة إرشادية في فندق هاني بباب الزوار يوم 8 مارس القادم، وأخرى حقوقية يوم 13 مارس المقبل، ستعد من خلالها الجمعية عريضة حول قانون الأسرة المعدل تسلم للبرلمان.
وستنظم الحملة في جميع ولايات الوطن، حيث ستنظم أبوابا مفتوحة وأياما دراسية ودورات تدريبية متخصصة في التأهيل والإرشاد وخلايا إصغاء وإرشادات أسرية، مع إنتاج فيديوهات تخدم الحملة وتنظيم مسابقة لأحسن الأسر الفاعلة والمستقرة كنموذج وتكريمها، وأيضا عقد جلسات صلح بمشاركة المجتمع المدني المحلي.