أرجعه البعض لـ “فراغ قانوني”.. نزاع مستمر بين أولياء تلاميذ المدارس الخاصة وإداراتها

أرجعه البعض لـ “فراغ قانوني”.. نزاع مستمر بين أولياء تلاميذ المدارس الخاصة وإداراتها

يشتد قلق أولياء التلاميذ مع بداية التسجيلات للسنة الدراسية 2020/2021 في المدارس الخاصة، في وقت لم ينتهِ فيه بعد النزاع القائم بين مسيري هذه المؤسسات والأولياء حول تسديد تكاليف الدراسة الخاصة بالفصل الثالث من السنة الجارية.

ومع وقف الدراسة بتاريخ 12 مارس الفارط بسبب تفشي جائحة كورونا، دخل أولياء التلاميذ ومسيرو المدارس الخاصة في نزاع حقيقي حول تسديد تكاليف الدراسة للفصل الثالث من عدمه.

بين “إجبارية” الدفع وعدم الاستفادة من الخدمة

وإذا كان موقف مدراء المدارس الخاصة واضحا بشأن “إجبارية” تسديد التكاليف “للتمكن من مواجهة أعباء سيرها”، فإن الأولياء لا يرون سببا يلزمهم بتسديد خدمات لم يستفيدوا منها، لاسيما في ظل هذا الوضع المستعصي الناجم عن تفشي جائحة كورونا.

فلا القانون التوجيهي للتربية الوطنية رقم 08-04 المؤرخ في 23 جانفي 2008 ينص على مثل هذه الحالة ولا حتى الأمر رقم 05. 07 المؤرخ في 23 أوت 2005، المحدد للقواعد العامة التي تحكم التعليم في مؤسسات التربية والتعليم الخاصة.

للإشارة، فإن المادة 65 من القانون التوجيهي للتربية الوطنية اكتفت بنصها “يمارس الوزير المكلف بالتربية الوطنية الرقابة البيداغوجية والإدارية على المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم، بنفس الكيفية التي يمارسها على المؤسسات العمومية”.

أولياء التلاميذ: “نحن ضحايا وضع غير مسبوق”

وفي انتظار “تحكيم” من الوزارة الوصية، تعتبر العائلات نفسها “ضحية” وضع “غير مسبوق” مس كل طبقات المجتمع.

إذ تقول إحدى الأمهات “ابني ملتزم بالحجر الصحي منذ بداية شهر مارس الفارط، إلا أن مديرة المدرسة تطالبنا بتسديد التكاليف دون خدمات في المقابل”، بل وأكثر من ذلك، فهي “تهدد بعدم اعادة تسجيله السنة المقبلة”.

وتتأسف السيدة فطيمة التي تشغل سكرتيرة (أمينة سر) في مؤسسة خاصة والمتوقفة عن العمل منذ بداية الأزمة الصحية قائلة “إذا كانت الأزمة قد مست الجميع، فلما نكون نحن مجبرين على التسديد”.

في حين يؤكد مليك، أب لطفلين، أنه على وعي بأن العقد الموقع مع المدرسة الخاصة هو عقد سنوي وليس شهري، مبرزا أنه لم يكن أحد يتوقع مثل هذا الوضع.

وأوضح أن “آثار الجائحة مست تقريبا كل العائلات علما أن الأكثر تضررا هم أصحاب المهن الحرة بمن فيهم التجار”.

واستطرد يقول “محلي التجاري مغلق منذ مدة، وأنا المسؤول عن عائلتي الصغيرة ووالداي واختين لي. ونظرا لنقص الموارد المالية في فترة الحجر هذه، لم أعد قادرا على دفع تكاليف المدرسة، إذ استنفذت كل ما اقتصدته من مال، وبالكاد أقوى على توفير ما يحتاجونه من مؤونة غذائية”.

والأمر ذاته يتكرر مع كل أولياء التلاميذ الذين يناشدون وزير التربية لأجل التدخل. فهو نداء بقي، حسبهم، من دون صدى لأن محاولاتهم الرامية للقاء المسؤولين في الدائرة الوزارية بهدف طرح المشكلة قد باءت بالفشل.

وأوضح أب آخر أن “العائلات التي تعد بالآلاف قلقة حيال تمدرس أبنائها، لاسيما وأن المؤسسات تهدد بفسخ العقد نهائيا وعدم إعادة تسجيل الأبناء الذين لم يدفعوا حقوق الفصل الثالث”.

وضعية حرجة في انتظار الفصل

من جهته، أبدى رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، خالد أحمد استعداده “للوساطة” ونقل الشكاوى للوزارة الوصية من أجل “إيجاد حل توافقي” من شأنه إرضاء الجميع.

وأوضح السيد خالد أن “المؤسسات تعتبر أن أولياء التلاميذ قد وقّعوا التزاما يمتد لسنة وليس لشهر قابل للتجديد، مؤكدا أن لهذه المؤسسات أيضا تكاليف تدفعها، وأن لأولياء التلاميذ الحق أيضا في عدم الدفع، نظرا لأن الفصل الثالث لم يُجرَ”.

ووصفت، من جانبها، رئيسة الفيدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ، جميلة خيار الوضعية “بالحرجة”، معتبرة أن وزارة التربية وحدها المخولة “لإيجاد حل لهذا الخلاف”، لتشدد، في هذا الصدد، على أن هذا الأمر يعد “فراغا قانونيا”.

ومن جهته، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للمدارس الجزائرية الخاصة، سليم أيت عامر أن المؤسسات الخاصة “غير قادرة على تحمل التكاليف لوحدها”، و”لا حتى هي قادرة على تحمل” الحوادث الكارثية التي خلفتها جائحة كورونا.

ويرى ذات المسؤول أنه يتعين على مدراء المؤسسات أن ينخرطوا في المبادرات التضامنية في المجتمع بعد تفشي الجائحة

وذلك بألا يطلبوا تسديد مستحقات التمدرس للفصل الثالث من أولياء التلاميذ الذين تضرروا بسبب الأزمة الصحية.

ودعا في ذات السياق إلى تدخل وزارة التربية الوطنية للتحكيم، مشيرا إلى أن محاولات جمعيته التي تضم 200 مدرسة خاصة من بين 500 مؤسسة على المستوى الوطني “باءت بالفشل”.

 

مساعٍ لإيجاد حل وسط

وأضاف بهذا الخصوص “حاولت بعض المدارس التوصل لاتفاق، لكنه لم يحظَ بإجماع أغلبية الأولياء، حيث اقترحت بعضها تقاسم مستحقات التمدرس مناصفة مع الأولياء، بينما اقترحت مدارس أخرى تسديد الثلث وأخرى قررت ألا تتلقى شيئا”.

وحذرت مديرية التربية (الجزائر العاصمة/غرب) في مذكرة أرسلتها إلى مدراء المدارس الخاصة تداولتها الصحافة الوطنية بتطبيق عقوبات في حالة استمرار “التجاوزات” ضد أولياء التلاميذ.

وجاءت هذه المذكرة بعد تلقي عديد الشكاوى من طرف أولياء التلاميذ ينددون فيها بـ “الضغوط” الممارسة عليهم بعد رفضهم تسديد المستحقات المدرسية للفصل الثالث من السنة الجارية.

وتتراوح مستحقات التمدرس السنوية بالنسبة لتلاميذ الطور الأول ما بين 190.000 دج و 260.000 دج وما بين 200.000 دج و 350.000 دج للطور المتوسط وتقدر ما بين 250.000 دج و 400.000 دج للطور الثانوي.

وحسب إحصائيات الوزارة الوصية، فإن 12.000 مترشح لامتحانات نهاية السنة 2019/2018 كانوا مسجلين في المدارس الخاصة.

واستنادا إلى ذات الأرقام، فإن عدد التلاميذ في القطاع الخاص المترشحين خلال نفس السنة الدراسية لامتحان السنة الخامسة ابتدائي بلغ 9516 إضافة إلى 7299 مترشحا لامتحان الطور المتوسط و4011 لامتحان البكالوريا.

ق. م