أدرك لحظات عمرك!!

 أدرك لحظات عمرك!!

الإنسان يمرّ بمراحل منذ خَلقِه، للوقت فيها علاقة ٌعجيبة تستدعي من العاقل التوقف والتأمل. إذ لو تأملها المسلم لأدرك أن كل ثانية ودقيقة أغلى من كنوز المترفين. أربع مراحل: مرحلته جنيناً في بطن أمّه تسعة أشهر تقريباً ثم يخرج على الدنيا ولا يعرف كم يعيش؟ لتُقدَّر كما في الحديث بين الستين والسبعين ثم البرزخ والله أعلم كم المكث فيه، ثم العرض والجزاء والحساب والجنة والنار “وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ” الحج: 47. المحّك والمَدار على هذه السنيّات التي تعيشها في حياتك الدنيا!!، قطّعها أجزاءً حدد كم نسبة عملك للستين أو السبعين سنة؟!، وكم نسبة عملك للبرزخ؟!، وكم نسبة عملك للدار الآخرة والجنّة والنار؟!! أغلبنا هذه الأيام والساعات والدقائق والثواني للأسف يعيش معظمها لها.. نعم يعيش للسبعين.. أو الستين.. أو الخمسين أو أقل أو أكثر.. نعم يعيش الدنيا للدنيا، لقد تغافل أو غفل عن البرزخ والدار الآخرة والجنة والنار.. لا يعني هذا أن نغفل “وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا” القصص: 77، ولكن الأصل ” وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ” القصص: 77.

ولذا كان ولا بد أن يكون من ثقافة المسلم أنّ كل لحظة يمر بها في هذه الحياة حجة له أو عليه، ومسؤول عنها يوم القيامة. قال صلى الله عليه وسلم: “كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها” ، وقال الحسن البصري رحمه الله: ما من يومٍ ينشق فجره إلا نادى: يا ابن آدم! أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود فيَّ بعملٍ صالح، فإني لا أعود إلى يوم القيامة. وما الأيام إلا مراحل يقطعها العبد في سفره إلى الله تعالى وإلى الدار الآخرة، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ابن آدم! إنما أنت أيام كلما مضى منك يوم مضى بعضك.

وأبلغ من ذلك كله اهتمام الله جل وعلا في القرآن الكريم بالوقت، فأقسم بالعصر والضحى والليل والنهار، وذكر سبحانه إنعامه على عباده بالوقت في سورة النِعم سورة النحل، فقال جل وعلا: ” وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ” النحل: 12، فبين سبحانه عظيم منته على عباده أن سخر لهم هذه الأوقات ليتقربوا فيها إلى الله الواحد القهار ويتذكروا دنو الآجال بانقضاء الليل والنهار، كما قال تعالى: ” وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ” الفرقان: 62.