أدب الحوار

أدب الحوار

الحوار، والجدال، والمناظرة؛ كلها ألفاظ متقاربةٌ لمعنى واحد، وإذا كان أكثرُ ما جاء من لفظ الجدال في القرآن يطلق على الجدال المذموم؛ فإن لفظ الجدال في القرآن جاء أيضًا في مواضع محمودة. واختلاف الناس فيما بينهم، أمر طبيعي، أراده الله، وله في ذلك حكمة؛ قـال تعالى: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ” هود: 118-110 ولمعالجة ما يحدث بين الناس من اختلاف، هناك طرق عدة؛ منها: الحوار: فهو من أفضل تلك الطرق، وهو سلاح فتاك، من حيث إقناع الآخرين، والحوار الهادئ المقنع يفعل في أكثر الأحيان ما لا تفعله قوةُ المدافع والطائرات، وإذا كان كذلك، وأراد المسلمون أن يحموا أوطانهم، ويحفظوا وحدة أمتهم، فعليهم بالحوار؛ لأنه لا غنى لهم عنه، فهو وسيلة أساسية للتواصل مع الآخرين، وإقناع أصحاب الانحراف الفكري والعقدي، وليس القمع. فللوصول إلى الحق لا بد من إتباع الحوار. والحوار يكون مع المسلم ومع غير المسلم؛ مع غير المسلم لدعوته إلى دين الله، وإقناعه بأنه حق لا شك فيه، وحين نحاور غير المسلمين، علينا أن نبحث عن المشترك الإنساني، وعن المشترك الحضاري. فبيننا وبينهم أصول وقواسم مشتركة: منها: أننا وإياهم نؤمن بوحدة الأصل الإنساني؛ كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: “إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد” رواه أحمد، ومنها: أننا وإياهم متساوون في الكرامة الإنسانية، بغض النظر عن معتقداتهم وما يدينون به “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ” الإسراء: 70. ولا تنافي بين الأخوة الإيمانية والأخوة الإنسانية، ففي القرآن الكريم يقول تعالى: “وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا” هود: 50، “وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا” هود: 61. إن الحوار دعوةٌ إلى الله، والحوارُ السلمي الهادف سنّةٌ قرآنية، وسنة نبوية، ينبغي أن نتمسك بها، ولا نتخلَّى عنها، لنصون به أخوتنا، ونعالج به كثيرًا من اختلافاتنا، إن لم نقل كلها.

 

موقع إسلام أون لاين