اعرف نبيك

أدب  الحوار عند النبي ﷺ

أدب  الحوار عند النبي ﷺ

الحوار الهادئ الجميل وسيلة تربوية نبوية لدلالة المخاطب إلى وجه الصواب وإن كان الأصل لزوم التسليم للأوامر الشرعية بالفعل وللنواهي بالترك، لكن بعض النفوس لا ينبهها إلا شيء من الإقناع، فهو الذي يردها للجادة، ويوقظ فيها معاني الخير. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال: “يا رسول الله! وُلِدَ لي غلام أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم! قال: ما لونها؟ قال حمر. قال: هل فيها من أوْرق؟ قال: نعم! قال: فأنَّى ذلك؟ قال: نزعه عرق. قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرق”. هذا الأعرابي لما ولدت زوجته هذا الغلام على لون يخالف لونه ولونها، خطرت بقلبه هواجس وتساؤلات أضمرها على عظمها في نفسه وأثرها في قلبه فظلّت حبيسة تفكيره ولم تؤدّ إلى فعلٍ طائش وغيرة قاتلة، بل جعلته يذهب إلى النبي ﷺ ليسأله عما يدور في باله. والنبي ﷺ أدرك مراد الرّجل على الفور، فأراد أن يطمئنه أن هذا التباين الحاصل في لون البشرة جائزٌ عقلاً، وله في الواقع شواهد ونظائر، وضرب له المثال من واقعه الذي يعرف. والبدهيات التي يؤمن بها، وهذا في حد ذاته من مؤكدات الإقناع. ولم يكن من الحكمة الاكتفاء بالجواب المباشر الذي قد لا يشفي غليلاً خصوصاً في مثل هذه الأمور الحسّاسة. يمكننا ان نلاحظ في هذا الحوار أن النبي ﷺ لم يكتفِ بدرجةٍ قليلة من الإقناع، بل مارس معه تأكيد الإقناع وترسيخ الفكرة وانتزاع الفكرة بجذورها من نفسه. الحوار أسلوب نبوي في التربية والتعليم وله أثر عظيم في الإقناع وبناء النفس وكسب المخاطب.

من موقع إسلام أون لاين