قال المختصون في شؤون التاريخ إن المجاهد أحمد بن حبيتر، المدعو “أحميدة”، لعب دورا كبيرا في إحياء روح المقاومة في قلب الصحراء الكبرى وتحديدا بورقلة.
ولد المجاهد سنة 1939 في حي سعيد عتبة العريق بمدينة ورقلة، ونشأ في كنف الزوايا والمساجد، بدءا من مساجد القصر العتيق إلى الزاوية القادرية بحي الرويسات.
وقد عمقت هذه النشأة الدينية والتربوية لديه الشعور بالانتماء للوطن وغرست في نفسه كرها للمستعمر الفرنسي، الذي كان يمارس أبشع أساليب القمع والاضطهاد في حق الجزائريين.
التحق “احميدة” بجبهة التحرير الوطني، في سن مبكرة (16 سنة)، وتولى مهام التنسيق مع الخلايا الثورية، تمثلت في جمع التبرعات من أسلحة وذخيرة ومواد طبية رفقة ثلة من المجاهدين.
وقد أدى نشاطه هذا إلى غاية اكتشاف أمره من طرف السلطات الاستعمارية وتم اعتقاله بحاسي مسعود، حيث كان يعمل مع عدد من المجاهدين ليحول بعدها إلى التحقيق بورقلة، قبل أن يفرج عنه مع إبقائه تحت الرقابة الجبرية.
رغم التهديد والمضايقات، واصل المجاهد نشاطه الثوري بعزيمة قوية، منظما تجمعات سرية في البيوت والمدارس القرآنية لنشر الوعي ودعم الثورة.
يُعد المجاهد أحمد بن حبيتر، من أبرز المجاهدين الذين انخرطوا في سن مبكرة في النضال الوطني بالمنطقة، مجسدا أسمى معاني الشجاعة والإصرار في مسيرته النضالية ضد الاستعمار الفرنسي،
وكان من أوائل، الذين لبوا نداء الوطن منذ اندلاع الثورة بولاية ورقلة، مؤمنا بضرورة الثورة التحريرية لاسترجاع الحرية والسيادة، كما كان بن حبيتر فاعلا ضمن الخلايا السرية للمجاهدين في المنطقة مع نخبة من رفاق السلاح الأوفياء، الذين واجهوا ظروفا أمنية صعبة محفوفة بالمخاطر، مما اضطرهم إلى اعتماد السرية الكاملة في التخطيط والتنفيذ لضمان التنسيق الجيد ما بين الخلايا الثورية ومواصلة العمل الثوري وحماية المناضلين من ملاحقات العدو.
وقد لعب دورا حيويا في التنسيق مع قادة الخلايا الثورية وإعداد هياكل تنظيمية مدروسة في ورقلة، التي كانت آنذاك منطقة عسكرية، مما تطلب الكثير من الحذر والسرية.
وكان المجاهد يحلم بحمل السلاح والانخراط في الكفاح المسلح، لكن أوامر قيادة جبهة التحرير قضت بجعل المنطقة قاعدة خلفية لجمع الدعم وتوفير الملاذ الآمن للثوار القادمين من مختلف أنحاء الجزائر، خاصة مع ازدياد أهمية الصحراء بعد اكتشاف البترول في الصحراء الجزائرية.
وفي 1960 التحق بصفوف جيش التحرير الوطني في الحدود الجزائرية، حيث تلقى تدريبات عسكرية مكثفة تحضيرا للتطورات الميدانية.
وشارك مع رفاقه في هجمات نوعية على المراكز العسكرية الفرنسية في المناطق الحدودية، ألحقوا من خلالها خسائر فادحة بالعدو، واستمر في أداء واجبه الوطني، حيث واصلت وحدات الجبهة الجنوبية حماية الحدود الوطنية.
وبعد عودته إلى ورقلة، ساهم في مرحلة بناء الجزائر المستقلة حاملا معه تجربة نضالية ثرية.