أحلام مستغانمي تكتب عن نزار قباني

أحلام مستغانمي تكتب عن نزار قباني

نشرت الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي نصا عن الشاعر السوري الكبير الراحل نزار قباني، وكيف عاش غيبوبة امتدت 3 أشهر قبل أن يعود إلى الحياة من جديد… وتفاصيل ما قاله نزار عن رحلة العودة..فكتبت تقول: نزار الذي رحل عام 1998 في لندن، ولم يكن قد امتلك سوى هاتف أرضي في بيته، فقد كان على عداء مع التكنولوجيا. طلبته، بعدما طمأنتني ابنته هدباء رحمها الله أنّه خرج من غيبوبته السريريّة التي دامت ثلاثة أشهر، وأنّه استعاد القدرة على الكلام. ثلاثة أشهر كانت كافية ليتأكّد خلالها الجميع من أنّه مغادر، وليبدأ سباق نعيه. بدأت العقبان والطيور الجارحة تحوم حول سريره في انتظار خبر موته لتنقضّ عليه، وتقتات من اسمه، الذي كان عصيّاً عليها في حياته. لم أصدّق وأنا أسمع صوته مجدّداً يرحّب بي، قال لي بسخرية سوداء “أنا الكاتب الوحيد الذي أهدته الحياة فرصة أن يُبعث حيّاً، ليقرأ ما سيُكتب بعد موته… لا يمكن أن تتصوّري كمّ الأكاذيب التي قرأتها حين عدت إلى الحياة، منذ أيّام وأنا أقرأ ما كُتب عنّي، أطالع الملفّات التي خصّصتها الصحف لنعيي، ما من أحد إلّا وله قصّة معي، حتى الذين صافحتهم مرّة في حياتي، البعض ادّعى أنّه زارني في بيتي، وثمّة من يروي قصصاً وحوارات على لساني، أمّا الذين يكرهونني فهم منذ الآن منهمكون في إعداد كتب عنّي، إنّها فرصتهم لينسبوا لي ما شاءوا ويبيعوا باسمي”.

وأضافت: “قلت له مواسية “عزيزي هذا ما يحدث دوماً، أنت تعرف هذه الأمّة أكثر منّي. إنّ الوضيعين سيطلقون عليك صفاتهم ولو بعد حين. أنت غنيمة لكلّ نكرة يريد الشهرة”. كان يدري أنّ الحزن الإشهاري تفضحه عجلته، أمّا الحزن الكبير فلا صوت له. إنّه لا يُقتسم. فنحن بحاجة إلى كثير من الوقت لتقبّل فكرة الرحيل الأبدي لأعز الناس علينا. كان رثاؤه فرصة الصغار للاستعراض الأدبي ولمقاسمته شهرته ميتاً، بعدما فشلوا في الفوز بضوئه حيّاً. أمّا أنا، فتأخّرت كثيراً في رثائه، كما تأخّرت سنوات في رثاء أبي، وما كنت لأكتب شيئاً لولا أنّ الدكتور سهيل إدريس رحمه الله صاحب دار الآداب وناشري وناشر نزار آنذاك، والذي أشرف على تنظيم الحدث، أصرّ على أن ألقي كلمة في الذكرى الأربعين لرحيله. وقد كانت الكلمة على تلقائيّتها مؤثرة إلى درجة أنّ الدكتور سهيل إدريس وقد كان الصديق الأقرب لنزار، قال لي باكياً عندما انتهيت “ليتني أدري ماذا ستكتبين في رثائي”.

ب/ص