أحزاب تستخف بعقول المواطنين بوعود غير قابلة للتجسيد… ”طُعم” الرئاسيات يوظف في التشريعيات!

elmaouid

الجزائر- أطلقت عديد التشكيلات السياسية الموالية منها والمعارضة وبعض متصدري القوائم الحرة المشاركين في الانتخابات التشريعية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى  أيام قليلة، جملة من الوعود ”المعسولة”

و”المفبركة” خلال ”الهملة” الانتخابية، التي انعدمت فيها الواقعية والصراحة لتحل مكانها خطابات وهمية وبرامج غير قابلة للتجسيد.

فالملاحظ أو المتتبع  لمثل هكذا برامج وخطابات يعتقد أن هذه الأحزاب بصدد تنظيم حملة لانتخابات رئاسية للتنافس على كرسي الرئاسة وليس كراسي البرلمان، نظرا لـ ”حجم” و”كمية” الوعود  الهائلة التي بعثرتها  هنا وهناك دون تحمل أي مسؤولية أمام المواطنين، فكل ما قيل ويقال أثناء هذه الحملة الانتخابية يبقى بمثابة ”كلام شارع” لا يتوافق والمؤسسة التشريعية التي سيتوجه إليها الفائزون بالمقاعد البرلمانية، وهو ما يشير إلى تشتت واضح في الأفكار والبرامج والأطر القانونية لهذه الأحزاب لأن بضاعتها المعروضة تتعلق بأمور جانبية لا علاقة لها بعمل البرلمان.

ومقارنة بالوعود التي أطلقتها الأحزاب السياسية ومهام أعضاء البرلمان بحسب القانون 01-01  المؤرخ في 31 جانفي 2001 الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني، يتضح جليا أن هذه الأحزاب تغرد خارج السرب، بما أن البرلمان لا يتيح لها إلا صلاحيات معينة غير تلك التي تتخيلها، ومنها إمكانية استجواب أعضاء من الحكومة في موضوع ما، عن طريق أسئلة كتابية أو شفهية، كما أن البرلماني له الحق في ممارسة الرقابة الشعبية على الحكومة ومدى تنفيذ برنامجها، بالإضافة إلى تمثيل الشعب، والسهر على رفع انشغالات المواطنين إلى الجهات المعنية والتحسيس بها والدفاع عنها، والمساهمة في تشريع القوانين.

وحتى بالنسبة للأحزاب السياسية التي تصنف في خانة ”الكبيرة” وتطمح لحصد عدد معتبر من مقاعد المجلس الشعبي الوطني والمشاركة في الحكومة لا تستطيع الوفاء بوعودها وتطبيق برامجها مهما كان عدد ممثليها في الحكومة، لأن أعضاء هذه الأخيرة باختلاف انتماءاتهم السياسية يخضعون لبرنامج رئيس الجمهورية الذي يبقى ساري المفعول إلى غاية 2019 ومن المستحيلات السبع الخروج عن مساره.

وكان من المفترض على هذه الأحزاب اللجوء لخطاب يطبعه الهدوء في القول بما أن ”الفعل” محدود وليس في متناولها، والاكتفاء خلال حملتها الانتخابية بإنتاج برنامج جواري أو محلي يخص كل ولاية يشارك فيها الحزب وذلك من خلال عملية مسح للنقائص التي تعاني منها الولاية والتعهد أمام المواطنين بنقل كل الانشغالات والنقائص إلى الحكومة خلال العهدة البرلمانية عن طريق الاسئلة الكتابية أو الشفهية.

 وأمام هذه المعطيات  تطرح عديد التساؤلات عن فحوى لجوء الأحزاب السياسية لمثل هكذا خطابات، وكيف ستطبق برنامجها في ظل محدودية الصلاحيات،  فهي إما تجهل دور المؤسسة التي ستتوجه إليها، أو اعتمدت ذلك تحضيرا للانتخابات الرئاسية 2019 ، وإذا كان الطرح الثاني الأصح فكل ما أقدمت على عرضه أمام المواطنين كذب في كذب ويعتبر استخفافا بعقول الجزائريين، ولا شك أن مثل هذه الخطابات ستساهم في رفع نسبة العزوف الشعبي عن صناديق الاقتراع وإبقاء الأغلبية الصامتة في مكانها سيما بالنسبة للمواطنين الذين يدركون جيدا معنى ومهام البرلمان.