إن مما تقتضيه الأخوة الإسلامية أن يحب كل مسلم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكرهه لها. وإن مجتمعاً يسود بين أفراده حب الخير لبعضهم البعض، لهوَ من أسعد مجتمعات الدنيا، والعكس صحيح. إن الفرد الذي يود لأخيه ما يتمناه لنفسه، ويكره له ما يبغضه لها؛ لا يرى إلا ساعياً في تحقيق كل خير له، مجتهداً في إزاحة كل شر وأذى عنه، فلن يرضي – مثلاً – بأن يبيت شَبعان في حين يتضور أخوه جوعاً، ولن يهدأ له بالٌ، أو يقر له قرارٌ، بينما أخ له قد اكتنفته الهموم، وأحاطت به الكروب، ودهمته البأساء، ولن يسكُت عن هتك حرمة مسلم، أو ظلمه والاعتداء عليه، لأنه لا يرضى هذا لنفسه، ولن ينشغل بحسد ذوي نعمة، أو يشتهي زوالها من أيديهم.
لهذا وغيره يؤكد الإسلام على ضرورة أن يمتلئ قلب المسلم بحب الخير لغيره، بل يُشيرُ النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن من حُرم هذا الخلق فإن إيمانه يبقى ضعيفا منقوصا. فعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحب لنفسه” رواه البخاري. وعن أبي أمامة قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه! مه! فقال: “ادنه، فدنا منه قريباً”، قال: فجلس قال: “أتحبه لأمك؟” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: “ولا الناس يحبونه لأمهاتهم”. قال: “أفتحبه لابنتك؟” قال: لا. والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال: “ولا الناس يحبونه لبناتهم”. قال: “أفتحبه لأختك؟” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: “ولا الناس يحبونه لأخواتهم”. قال: “أفتحبه لعمتك؟” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: “ولا الناس يحبونه لعماتهم”. قال: “أفتحبه لخالتك؟” قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: “ولا الناس يحبونه لخالاتهم”. قال: فوضع يده عليه وقال: “اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحسن فرجه” فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء” رواه أحمد.