سيرِثُ مسؤولو العاصمة بعد أيام تركة مثقلة بالمشاكل، خلّفتها أزمة كورونا التي أجبرتهم على ركن كثير من المهام على جنب، للتفرغ للأمور الاستعجالية الكفيلة بالقضاء على هذا الوباء الخطير الذي يسير نحو التحكم النهائي في انتشاره بغية القضاء عليه، مترقبين المواجهة الجديدة القديمة مع طالبي السكن والمقصيين الذين خضعوا طوال الفترة الماضية لتدابير الوقاية من الفيروس، ملتزمين بإجراءات الحجر الصحي على صعوبتها بالنسبة إليهم بسبب ظروف الإسكان غير الملائمة للعيش، وهي المسؤولية التي أضحت هاجسا حقيقيا بالنسبة إليهم وجعلت الكثير من الأميار يلقون بالكرة في ملعب مصالح الولاية التي تبقى تحتفظ بكامل صلاحيات تسيير الملف للأخذ بزمام الأمور وتحريرهم من الضغوطات النفسية التي أثقلت كاهلهم .
تركة كورونا تقسم ظهر البعير بالمجالس البلدية
يعيش أميار العاصمة هذه الأيام حربا نفسية، بفعل الضغوطات التي يفتعلها سكان القصدير والأحواش الذين يترقبون بفارغ الصبر استئناف عمليات الترحيل، فور تعليق العمل بنظام الحجر الصحي و استئناف النشاط بشكل طبيعي، ما ضاعف العمل لدى المجالس البلدية التي تكون دائما في فم المدفع عند تعليق قوائم المستفيدين، إذ وبعد تأجيل عمليات الترحيل في أعقاب انتشار فيروس كورونا وتفرغ البلديات لمخططاتها الاستعجالية المتضمنة برامج مكثفة خاصة بتعقيم وتطهير الأحياء والأماكن العمومية، فضلا عن مساعدة المتضررين من الحجر الصحي بالتنسيق مع الجمعيات والمجتمع المدني، فإنها حاليا تستعد للعودة إلى مهامها العادية وسط مخاوف من عدم ضبط عمليات الترحيل سيما مع حالة الانتظار التي استغرقت شهورا وقبلها دام الانتظار سنوات كما هو الحال بالنسبة لأحياء القصدير بالسحاولة التي لم تستفد من برنامج إعادة الإسكان منذ 20 سنة، وبقيت أحياء سعيد حجار والخروب والثكنة تأوي أكثر من 520 عائلة دون أي ملامح تبشرها بإمكانية الاستفادة من شقق لائقة، في المقابل لم تفقد أحياء الرحمانية الأمل وبقيت تترقب الموعد الذي يجعلها تغادر أكواخها كما حدث لستة أحياء قصديرية بالبلدية تم القضاء عليها، متأملة أن تحذو حذوها على غرار حي دبسي وحي فالي الذي يتوسط منطقة سكنية، وموقعه محاذي للطريق السريع، أما بلدية أولاد فايت فقد أحصت قرابة 5 آلاف عائلة تشكو أزمة سكن تأوي إلى القصدير رغم استقبالها لمئات المرحلين الجدد، كما يعاني سكان الأحواش منذ زمن بعيد من أزمة سكن جعلتهم يتصرفون في بيوتهم، بحيث تحولت بدورها إلى أحياء قصديرية كما هو الحال بالنسبة لأحواش هراوة التي تـأوي أكثر من 1500 عائلة ومئات العائلات الأخرى بأحياء عين طاية على غرار سكان حي حفرة بطاطا القصديري الذي يضم 350 عائلة، حي سي بوعلام العلوي وحي الشهداء وغيرها من أحياء البلديات الأخرى التي ما تزال متمسكة بمطلبها رغم التزامها الهدوء طيلة فترة الحجر الصحي الذي كان قاسيا عليها بسبب ظروف الإيواء غير السليمة .
ويعتقد كثير من الأميار أن مواجهة المقصيين من عمليات الترحيل هذه المرة، ستكون أشد وقعا وتكتنفها الكثير من الضغوط، داعين السلطات الولائية إلى زيادة كوطة المستفيدين حتى يتحكموا في الوضع ويمنعوا أي محاولة لإثارة الاحتجاجات، وبالتالي تجاوز هذه المرحلة بهدوء كونها أرهقتهم لعجزهم التام عن إدارتها سواء من حيث الصلاحيات أو حتى إقناع المطالبين بما هو موجود حاليا .
ترقب وقلق كبيران لدى سكان الأقبية والهش خشية تأجيل عمليات الترحيل
مئات العائلات القاطنة في الأقبية والهش تعيش على أعصابها هذه الأيام، خشية إرجاء ترحيلها مجددا بسبب تداعيات وباء كورونا الذي اقتطع من سير الأشغال والعمل ومجمل المهام وقتا قارب الخمسة أشهر، وجعل المسؤولين يعيدون ترتيب البيت وإعادة هيكلة تسمح بتنظيم العمل والأولويات بما تسمح به الظروف المستجدة، الأمر الذي أثار مخاوف سكان الضيق الذين كانوا يتذيلون قائمة الأولويات في كل مرة رغم الوعود التي تلقوها قبل فترة بإعادة إسكانهم فور انقضاء الشهر الفضيل، ولكن لسوء حظهم تزامن الموعد مع انتشار فيروس كورونا الذي أخلط جميع الحسابات وجعل هؤلاء يصطفون كما غيرهم في انتظار انفراج الوضع.
وتبقى آلاف العائلات تترقب الفرج من السلطات الولائية، تتوزع على كثير من البلديات على غرار ألفي عائلة بعين طاية و1200 عائلة ببرج الكيفان، 600 عائلة ببلوزداد وغيرها التي تعاني منذ سنوات، تطالب الجهات الوصية بالوقوف على معاناتها وتنفيذ وعودها التي أطلقتها أكثر من مرة ببرمجتها ضمن عمليات الترحيل، مصوبة أنظارها نحو المرحلة السادسة والعشرين من عمليات الترحيل وإعادة الإسكان.
وكان رؤساء المجالس البلدية قد أوضحوا أن صلاحياتهم لا تسمح لهم بتحديد تواريخ إعادة الإسكان التي نالت حصتها من تداعيات وباء كورونا، بحيث تعطلت عدة مشاريع خاصة بهذه الفئة التي تترقب بكثير من الخوف أن يتم تأجيل فرحتها مجددا، كما كان يحدث في كل مرة تحت أكثر من ذريعة، وما لاقت هذه العائلات من حجة دامغة أكثر من كورونا لتصبح مخاوفهم أكثر شدة، مطالبين السلطات بتمكينهم من المعلومات المطلوبة في هذا الجانب وتسوية مشكلتهم التي جعلتهم يرجئون جميع أحلامهم إلى حين الإيواء إلى شقق تحفظ لهم كرامتهم.
وأشار الأميار إلى أنهم استأنفوا أشغال التهيئة وإتمام المشاريع تداركا للتأخر المسجل، وهذا امتثالا لتعليمات والي العاصمة الذي طالب بالعودة إلى العمل، لكن بشرط الالتزام بقواعد السلامة الصحية في إطار التدابير المعمول بها للقضاء على وباء كورونا على رأسها احترام مسافة الأمان بين الموظفين .
فزاعة الطعون ما تزال تلاحق سلطات العاصمة
لم يركن المقصيون من عمليات الترحيل على جنب، بعدما تعرضوا لمقصلة الإقصاء من سلطات العاصمة التي جندت مصالحها لملاحقة المتلاعبين بملف الترحيل و المستفيدين دون وجه حق ومحاولة استدراك الأخطاء الإدارية التي طالت ضحايا كثر حُرموا من حقهم في شقق تحفظ لهم كرامتهم، وبينهم من لم يحظَ حتى بمجرد الرد على طعن أودعه، ولأن عدد طالبي السكن كثر، فإن عدد هؤلاء المقصيين كبير أيضا وأضحوا بمثابة فزاعة تلاحق العاملين في هذا الملف والذين عجزوا عن التحكم فيه، وقد أحصت ذات المصالح أزيد من 14 ألف طعن تم إيداعه منذ جوان 2014، تمت دراسة 11350 ملفا والرد بالإيجاب على 712 منها، فيما رفض 10 آلاف طعن، وهناك 314 طعنا في انتظار الرد و1484 آخرا قيد الدراسة، كما تم استرجاع 40 مسكنا بعد ثبوت حالة الاحتيال، و20 ملفا أحيل على المحاكم مع اكتشاف 2000 تصريح كاذب.
ويستعد المسؤولون لمواجهة موجة جديدة من الاحتجاج من هؤلاء الذين لا يجدون أي حرج سيما منهم أصحاب الحق في تجديد الطعون للعام الخامس على التوالي على أمل الظفر بسكن، داعين إلى الوقوف الجدي على مشكلتهم التي تكون أحيانا بسبب أخطاء تافهة وأخرى سقط أصحابها في فخ التحولات الاجتماعية كالطلاق وغيرها من الأمور التي فصل فيها القانون مسبقا، ولكنها ألحقت أضرارا جسيمة بذويها على غرار ما يحصل لقاطني الأكواخ القصديرية التي يتم إزالتها فيجدون أنفسهم في العراء، فلا حق لهم في الشقق الجديدة ولا مكان يأويهم بعد هدم مساكنهم التي لم تكن قانونية منذ البداية وتكون الأسباب مثلا على شاكلة استفادة المطلق على حساب طليقته، أو استفادة الوالد دونا عن ابنه رغم تعدد أفراد العائلة عن سبعة أشخاص وأيضا استفادة الأجداد في سنوات خلت وغيرها من الأسباب التي لا يكون للمعني فيها لا ناقة ولا جمل .
مشاريع في الأفق لتدارك التأخر في قطاع السكن
لم تجد بلديات العاصمة بدا من التعجيل في استئناف مشاريعها سيما السكنية منها، لتدارك التأخر الكبير الذي شهدته والذي استغرق أكثر من ثلاثة أشهر بسبب مخاوف توسع رقعة انتشار فيروس كورونا الذي عرقل وبشكل كبير مشاريع تنموية على درجة كبيرة من الأهمية، الأمر الذي جعلها تسارع إلى إتمام الأشغال فور رفع الحجر الصحي وتم تفعيل الحركة بالورشات التي عاشت ركودا دام طويلا مع الحرص على إتمام الإجراءات الإدارية الخاصة بدراسة وإنجاز هذه المشاريع والمصادقة عليها من قبل الولاة المنتدبين. وتم الحرص على التهيئة الحضرية وإتمام أشغال الصيانة بالطرقات وتزويد الأحياء السكنية الجديدة بالمواد الحيوية المطلوبة، إدراكا من الأميار أن الكثيرين يترقبون الاعلان عن عمليات الترحيل فور رفع إجراءات الحجر الصحي، ما يجعلهم مجبرين على التعجيل في إتمام الأشغال الخارجية وإنجاز المرافق الضرورية على غرار المدارس والابتدائيات التي ستكون في صدارة أولويات المرّحلين الجدد، وهو الأمر الذي جعل بلدية بئر خادم تسارع إلى ترميم وإعادة تأهيل 15 ابتدائية بقيمة 3 ملايير سنتيم، في حين تعمل بلدية الرويبة على معاينة مشروع إنجاز أربعة مجمعات مدرسية ومتوسطة، مشروع إنجاز ثانوية بحي 1540 مسكنا بالصواشات لأجل اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتسريع وتيرة إنجازها، من خلال دعمها باليد العاملة، بغرض تسليمها في أوقاتها المحددة. أما بلدية بوزريعة فقد طالبت المقاولات المكلفة بإنجاز الهياكل التربوية باحترام آجال التسليم خاصة منها ثانوية زيدان المخفي بالغابة الصغيرة، كما تم معاينة المجمعين المدرسيين زواد نور الدين الواقع بوسط بلدية بوزريعة والمجمع المدرسي عمر لاغا الواقع بحي بسكال .
روبورتاج: إسراء. أ