أثقلهما موضوع “الذاكرة”… ملفان شائكان ينتظران ماكرون في الجزائر

elmaouid

ينتظر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لدى زيارته إلى الجزائر الأربعاء المقبل، ملفان يتعلقان بفئتين من الجزائريين: الأول تاريخي والثاني يتعلق بالتأشيرات.

ويرتبط الملف الأول بالذاكرة ويحمل مطالب بتقديم اعتذار رسمي عن احتلال الجزائر، وهذا الطلب يطرحه الجيل الذي عاش الاستعمار، أما الطلب الثاني فيتعلق بمزيد من تأشيرات الدخول إلى فرنسا، التي فاق عددها نصف مليون في 2016، وهذا الطلب يلح عليه، خصوصا، الباحثون وطلبة الجامعة.

ويبدو أن الإشارات الأولى الواردة من طرف ساكن قصر الإيليزيه كانت سلبية بخصوص ملف الذاكرة وتنم عن عدم رغبته في الخوض في مسائل الاعتذار عن الجرائم الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، والدليل على ذلك تصريح أدلى به ماكرون في لقاء مع طلبة جامعة واغادوغو في بوركينا فاسو، الأسبوع الماضي، حين قال “أنا وأنتم ننتمي إلى جيل لم يعش الاستعمار”، وهي جملة فهمت في الجزائر على أن فرنسا لن تتحمل في فترة حكمه مسؤولية فرنسا الاستعمارية.

ويشعر الجانب الجزائري بأن ماكرون تراجع عن موقف قوي صدر منه عندما زار الجزائر في فيفري الماضي، وكان حينها مرشحاً للرئاسة منافساً لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي يعاديها غالبية الجزائريين المقيمين بفرنسا، حتى ممن يملكون الجنسيتين. فقد قال لدى استضافته في فضائية خاصة “إن الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي. إنه جريمة، جريمة ضد الإنسانية، إنه وحشية حقيقية، وهو جزء من هذا الماضي الذي يجب أن نواجهه بتقديم الاعتذار لمن ارتكبنا بحقهم هذه الممارسات”.

وقال الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، السعيد عبادو، في تصريحات سابقة، إن “واجبنا كمجاهدين حاربوا الاستعمار، وواجب الأحزاب السياسية هو التمسك بمطلبنا القديم، وهو الضغط على فرنسا حتى تقدم اعتذارها عن جرائمها بالجزائر، ودفع تعويضات عن الدمار الذي أحدثته في بلدنا، خصوصاً ما خلفته تجاربها النووية من دمار وآلام نفسية في صحرائنا بعد الاستقلال”.

وذكر عبادو، أن فرنسا “تحاول التنكر لمسؤوليتها التاريخية عن المظالم التي ارتكبتها في بلادنا، ولا ينبغي أن نمكنها من ذلك”.

ويرى أستاذ التاريخ محمد القورصو، وهو أشهر الباحثين في العلاقات الجزائرية – الفرنسية، بخصوص زيارة ماكرون وأبعادها أن “هناك مؤشرات قوية تدل على أن الفكر الاستعماري، بمفهوم القرنين التاسع عشر والعشرين، ما زال يهيمن على ذهنية عدد من المسيرين السياسيين في أوروبا، خصوصاً في فرنسا، وماكرون لا يشذ عن هذه القاعدة برأيي”.

ولاحظ القورصو “انعدام إرادة سياسية من جانب المسؤولين الجزائريين لدفع فرنسا إلى تحمل مسؤوليتها تجاه ماضيها الاستعماري”.

وبخصوص الملف الثاني المتعلق بمنح التأشيرات نحو فرنسا للطلبة والباحثين الجزائريين، فسيكون على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإجابة عن عديد الأسئلة، خصوصا بعد إغلاق المواعيد  الخاصة بطلبات الحصول على تأشيرات “شنغن” لمدة فاقت ستة أشهر، حيث أجّلت كل المواعيد التي تقدم إلى السفارة الفرنسية عبر خدمات “تي. أل. أس” كونتاكت إلى غاية سنة 2018، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على تنقل الجزائريين إلى فرنسا وإلى أوروبا والدول المتضمنة في فضاء شنغن بشكل عام.