الله أمرنا أن نكون طيبين في أقوالنا وأعمالنا وذواتنا وأموالنا، ونهانا أن نكون من الخبيثين في أقوالنا وأعمالنا وأموالنا وذواتنا، فانظروا وتأمَّلوا هل يستوي من طاب لسانه وطاب قوله، فلا يقول إلا طيبًا، ولا ينطق إلا خيرًا، إذا حضرتَ مجلسَه وجدتَه طيَّبًا مطيَّبًا بذكر الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل يستوي هذا مع ذلك الرجل الذي إذا تكلم، تكلم بغيبة ونميمة وتفريق بين الناس؟! وصدق الله القائل: ” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ” إبراهيم: 24-25.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: “شبَّه الله تعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة؛ لأن الكلمة الطيبة تُثمر العمل الصالح، والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع”. الكلمة الطيبة قد تهدي إنسانًا، الكلمة الطيبة قد تُغيِّر مجتمعًا. والكلمة الطيبة قد يُنقذ الله بها قلوبًا أو يعمر بها نفوسًا، بل قد يحيي بها الله أقوامًا من السبات. الكلمة الطيبة كحبة القمح المفردة قد تُهمل وتذهب أدراج الرياح، وقد تكون مباركة فتنبت وتثمر، وقد تكون الثمرة خصبة تتضاعف وتتضاعف. الكلمة الطيبة كلمة الحق كالشجرة الطيبة ثابتة سامقة مثمرة لا تزعزعها الأعاصير، ولا تعصف بها رياح الباطل. والكلمة الخبيثة كلمة الباطل كالشجرة الخبيثة قد تتعالى وتتشابك، ويخيَّل إلى البعض أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى، ولكنها تظل ضعيفةً، وما هي إلا فترة ثم تجتث من فوق الأرض فلا قرار لها ولا بقاء.
قال صلى الله عليه وسلم: “إن مثَل المؤمن كمثَل القطعة من الذهب، ينفخ فيها صاحبها فلم تتغير، والذي نفس محمد بيده، إن المؤمن كمثل النخلة أكلت طيبًا ووضعت طيبًا”؛ وقال صلى الله عليه وسلم: “مثَل المؤمن كمثَل النخلة ما أخذتَ منها من شيء نفع”؛ فالنخلة تُثمر بلحًا رطبًا، والمؤمن أينما حلَّ نفع، كالغيث والنخلة أغصانها وجذوعها وجريدها يُفيد البلادَ والعباد، والمؤمن كله خير؛ كلامه وماله وحركته. النخلة تُرمَى بالحجر وترد بأطيب الثمر، وهكذا المؤمن يدفع الإساءةَ بالإحسان.