على الساعة الثامنة من صباح يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر ذي الحجة الحرام عام 1349هـ الموافق للخامس من ماي 1931م، اجتمع بنادي الترقّي بعاصمة الجزائر اثنان وسبعون من علماء القطر الجزائري وطلبة العلم فيه إجابة لدعوة خاصة من لجنة تأسيسية متألفة من جماعة من فضلاء العاصمة عميدها السيد عمر اسماعيل أحسن الله جزاء الجميع، وغرض الدعوة هو تحقيق فكرة طالما فكر فيها علماء القطر فرادى وهي تأسيس “جمعية العلماء المسلمين” وقد لبّى الدعوة كتابة بالقبول والاعتذار نحو الخمسين عالمًا. كان اجتماعهم بصفة جمعية عمومية لوضع القانون الأساسي للجمعية، وعيّنوا للرئاسة المؤقّتة الشيخ أبا يعلى الزواوي وللكتابة الأستاذ محمد الأمين العمودي، ووُضِعَ القانون وتلاه كاتب الجلسة على رؤوس الأشهاد فأقرّته الجمعية العمومية بالإجماع وانفضّت الجلسة على الساعة الحادية عشرة، وعلى الساعة الثانية بعد زوال ذلك اليوم أُعيد الاجتماع العمومي لانتخاب الهيئة الإدارية طبقًا لمنطوق مادة من القانون الأساسي، وحيث كان الانتخاب لا يمكن بطريقتيه السرية والعلنية لتوقّفه على الترشيح ولاعتبارات أخرى لاحظتها الجمعية، فقد سلكت الجمعية طريقة الاقتراح فألقي عليها اقتراح باختيار جماعة معيّنة ووقع الإجماع على اختيارها، وهذه أسماؤهم: الأساتذة: عبد الحميد بن باديس، محمد البشير الإبراهيمي، الطيب العقبي، محمد الأمين العمودي، مبارك الميلي، إبراهيم بيوض، المولود الحافظي، مولاي بن الشريف، الطيب المهاجي، السعيد اليجري، حسن الطرابلسي، عبد القادر القاسمي، محمد الفضيل اليراتني. وأعلنت الجمعية لهؤلاء المشايخ أن عملهم الآن مقصور على انتخاب رئيس لهم ونائب. وعلى الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم أيضا، اجتمعت الهيئة الإدارية فانتخبت للرئاسة الأستاذ عبد الحميد بن باديس، وللنيابة عنه الأستاذ محمد البشير الإبراهيمي، وللكتابة العامة الأستاذ الأمين العمودي، ولمساعدته الأستاذ الطيب العقبي، ولأمانة المال الأستاذ مبارك الميلي، ولمساعدته الأستاذ إبراهيم بيوض. وبقية الأساتذة المذكورين للعضوية والاستشارة، وانفضت الجلسة على الساعة التاسعة والنصف مساءً، وعلى الساعة الرابعة من مساء يوم الأربعاء الثامن عشر من ذي الحجة الحرام عام 1349هـ الموافق للسادس من ماي سنة 1931م، عقدت الهيئة الإدارية أول جلسة بنادي الترقي برئاسة الأستاذ محمد البشير الإبراهيمي، حضرها جميع الأعضاء ما عدا الأستاذين ابن باديس والطرابلسي، وأعادت النظر في القانون الأساسي فأقرّته بالإجماع وقرّرت ترجمته باللغة الفرنسية، وتقديمه للحكومة طالبة منها التصديق عليه.
من كتاب -أثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي-