كان أبو عمرو الداني إماماً متفنناً واسع المعرفة، كثير الاطلاع، اهتم بعلوم القرآن، وعلوم الحديث، واللغة، والفقه؛ إلا أنه أبدع كثيراً في علوم القرآن، مع تبحره في النحو ومذاهبه. قال ابن بشكوال: “كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم القرآن: رواياته وتفسيره ومعانيه، وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك كله تواليف حساناً مفيدة، وله معرفة بالحديث وطرقه، وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط، جيد الضبط، من أهل الذكاء والحفظ، والتفنن في العلم، ديِّناً فاضلاً، ورعاً سُنّياً”. قال ابن عبيد الله الحجري، قال عنه بعض الشيوخ: “لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه، وكان يقول: ما رأيت شيئاً قط إلا كتبته، ولا كتبته إلا وحفظته، ولا حفظته فنسيته، وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار وكلام السلف، فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها”. قال الذهبي: “إلى أبي عمرو المنتهى في تحرير علم القراءات، وعلم المصاحف، مع البراعة في علم الحديث والتفسير والنحو، وغير ذلك”. وقال أيضا: “برع في القراءات، والحديث ورجاله، والعربية وغير ذلك وصنف التصانيف البديعة”…… وقال ابن خلدون: “بلغ الغاية فيها -أي في القراءات-، ووقَفَت عليه معرفتها، وانتهت إلى روايته أسانيدها، وتعددت تآليفه فيها، وعول الناس عليها وعدلوا عن غيرها”.
قال ابن الجزري: ومن نظر كتبه علم مقدار الرجل، وما وهبه الله تعالى فيه، فسبحان الفتاح العليم، ولا سيما كتاب جامع البيان فيما رواه في القراءات السبع. وكان رحمه الله متبحراً في اللغة، واسع الاطلاع على النحو، محيطا بمذاهب النحويين واختلافهم، وله عناية خاصة بكتاب سيبويه، فإنه أحسن الاستشهاد به في مواضع من كتبه.