القصص هي عالم بحد ذاته، يُحرك بها العقول، ويثبت بها القلوب، وتستنبط منها الدروس والعبر، ويمكن استخدامها كوسيلة دعوية من خلال سرد بعض القصص النبوية، وما ورد في كتب التاريخ على الأهل وخصوصاً في حال التعب البدني والنفسي. فما أجمل أن يسمع الأولاد في المنزل قصص الأنبياء والصحابة، وقصص الأولين، وما أجمل أن تسمع البنت قصة زوجات النبي وبناته وكيفية معيشتهم في بيوتهن. في القصة سحر يسحر النفوس منذ قديم الأزل، ولا شكَّ في أن قارئ القصة وسامعها لا يملك إلا أن يتخيّل نفسه أنه كان في هذا الموقف أو ذاك. ويقول الخبراء إن الطفل يبدأ عادة في الاستمتاع بسماع القصة حين يبلغ الثانية من عمره. وحين يبلغ الطفل الرابعة يكونون قد وصلوا إلى درجة من معرفة المحيط فيهوى الطفل قصص المغامرات. وفي سن الخامسة يكون الطفل مستعداً للتعلم، ويميل إلى القصص التي تُعطيه المعلومات، وتقدم له المعرفة. وينبغي خلال تلك المرحلة تجنيب الطفل الحكايات المفزعة والمخيفة كقصص الجنِّيات والسحرة والأشرار. وأما أطفال السادسة والسابعة فيستمتعون بالقصص الشعبية. وفي الثامنة والتاسعة يميل الأطفال إلى معرفة الماضي، ويبدؤون التوجه إلى التراجم وقصص السيرة الذاتية. وأما أطفال العاشرة والحادية عشرة فيبدؤون في هذا السن باتخاذ القدوة والمثل الأعلى، فهم بحاجة إلى قصص العظماء.
ولا شك أن لحكاية ما قبل النوم أهمية خاصة عند الطفل، فهي تظل راسخة في ذاكرة الطفل وتثبت في مخه أثناء النوم، وعلى الأم أن تلتزم اختيار النهايات السعيدة لقصتها، والابتعاد عن قصص العنف أو الحكايات الخرافية، فينطبع شكلها المخيف في ذاكرة الطفل ويسبب له الأرق. وقد ناشد أطباء النفس عند الأطفال، الأمهات أن يعودوا إلى إتباع عادة حكاية النوم، ترويها الأم بصوتها الحنون بدلاً من الاعتماد على ما يعرضه التلفاز وأشرطة الفيديو، فوجود الأم إلى جوار سرير ابنها قبل نومه يزيد من ارتباطه بها، ويجنبه المخاوف والكوابيس أثناء النوم. فمن خلال القصة نعزز القيم الإيمانية للطفل، فهي عالمه المشوق الساحر الذي يسافر به بخياله إلى عالم يصوغ من خلاله مفرداته، ويرسم أحلامه ويبني مخططاته، ويسترسل في عالم الطفولة الرائع عالم البراءة والنقاء، عالم الحب الصافي، والعيش السعيد، فلماذا نحرم أبنائنا من هذا العالم الجميل؟ ونتركهم أمام شاشات الحواسيب يمارسون ألعاب العنف والصراع المقيت، وينامون متعبين، ويحلمون بالكوابيس، والقتل والعنف والقسوة. ومما لا شكّ فيه أنّ القصة المحكمة الدقيقة تطرق السامع بشغف، وتنفذ إلى النفس البشرية بسهولة ويسر، ولذا كان الأسلوب القصصي أجدى نفعاً وأكثر فائدة.
من موقع الالوكة الإسلامي